عشيرة ال بوماجدال عبس تحت راية الشيخ عبدالأميرطافرفطيسه
أهلا بك أيها الزائر الكريم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

عشيرة ال بوماجدال عبس تحت راية الشيخ عبدالأميرطافرفطيسه
أهلا بك أيها الزائر الكريم
عشيرة ال بوماجدال عبس تحت راية الشيخ عبدالأميرطافرفطيسه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عشائر العراق

اذهب الى الأسفل

عشائر العراق Empty عشائر العراق

مُساهمة من طرف حيدرالعبساوي الخميس أبريل 26, 2012 4:00 pm

وهنا يظهر المجلى من الخيول، وهذه تابعة لتقدير قوة الأعصاب للعدو... ونفس الركض وميدانه حتى ان بعض الخيل قد لا تسبق اذا لم يطل ميدانها، وتنال السبق على الكل اذا طال المدى... فاذا لم تقدر هذه النواحي وأمثالها فلا أمل في نجاح غيرها، ويضرب العرب الأمثال في المدى وطوله... وعلى كل حال هناك أمور يجب الانتباه اليها وتحتاج الى خبرة وفكرة قويمة، وغالب من يقوم بهذه المهمة متمرن عارف... وفي هذه الأيام راج سوق الخيل في السباق، وتولدت بينهم مصطلحات كثيرة لما رأينا من عناية الأجانب بها، واستفادتهم منها، وتعيين درجات السبق، والرهان عليه... ومن ثم رجحت من نالت السبق لمرات، وصاروا يتغالون في أثمانهابالنظر لما تربحه، واشتهرت كثيرات قد لا تكون علاقة للرسن بهن، وانما انحصر ذلك في خيل معينة، وبهذا حصل انتقاء في السوابق، وطوي ذكر الخيل الأخرى، وان كن من الخيل العراب... وفي المثل (عند الرهان تعرف السوابق). وهذا من ضروب المقامرة بل من اعظم المقامرات، ومن أشد الاضرار على الخيل والاجحاف بحقوقها بل التجاوز عليها، ويجب ان لا يشيع بكثرة وانهماك في أمة حريصة على اوضاعها الحربية، والانتفاع من نشاط خيلها، وقيمتها الحربية... وقد مر الكلام على السباق المرغوب فيه... ومن المؤسف أن يروج سوق الخيل من طريق سباق المقامرة، وتزيد العناية بها من أجله... 5 - أسماء الخيل وأسماء الخيل المعروفة قديماً وحديثاً كثيرة عندنا، ولها في هذه الأيام اسماء جديدة، واشتهر من الخيل القسم الكبير لما كان لها من مواقف بارزة في الحروب كما اشتهر شجعانها فحافظت من جراء ذلك على أرسانها، واليوم يعوزنا احصاء اسماء الخيول المعروفة... وتعداد كل ما عرف واشتهر في السباق وغيره يطول كثيراً. وهذه بعض المشهورات: عسيلة. تاج عطية. ردحة. حمية. فضيلة الهوى. هذا ويضيق المقام عن التعداد. وللأسف كل هذه الخيول العراقية لم تشتهر بوقائعها وانما عرفت بسباقها...!! 6 - سرقة الخيول من ابدع ما يجلب الاسماع، ويدعو للانتباه واللذة معاً ما يورده البدو عن سرقة الخيول من اناس تعودوا على ذلك وتمرنوا.. وكل ما يوردونه من حكايات وقصص يدل على عزة الخيل ومنزلتها عندهم؛ فهي من أعز ما عندهم، ولذا يبالغون في اطرائها، يذكرون شطارة السراق وحسن مهارتهم، وما يقدم لهم من فداء أملا في استعادة الفرس المسروقة، والتهالك وبذل الجهود في استعادتها، وما عاناه صاحبها، أو ذكر خيبته... والسراق منهم (الحايف) وهو الذي يسرق ليلاً وخلسة، و (البطاح) هو الذي يركب الفرس ويفر بها على مرأى منهم... و (ربيط البدو) في الغالب من كان متعوداً على سرقة الخيول وهو الذي يبطح على الفرس. وهذا يحبس ويحدد بحديد الفرس، ويبقى حتى يسلم المسروق أو يفك نفسه بمبلغ يتقاضونه منه أو من كفيله والربيط قد يكون مطلوباً سابقاً بأموال أخرى أو (وسكة)، ويحتاج الى أن يفك نفسه. 7 - شركة الخيل - بيوعاتها يعتز البدوي بفرسه كثيراً، ولا يهون عليه ان يعطيها، أو يملكها لغيره ببيع وسائر التمليكات الا لضرورة، او لحاجة تعرض له... وقد يكتفي ببيع حصة شائعة كأن يبيع (عدالة)، أو نصفاً شائعاً، أو رجلاً، أو نصف رجل. وهذه شاع البيع بها حتى عند غير البدو، وحافظوا على ارسانها، والبيع في مثل هذه الحالة لا تظهر غرابته في بيع الكل وقطع العلاقة كما هو المعتاد في سائر البيوعات والامتعة وتداولها.. وكل الخيل ليست كرائم، وانما هناك خيول تباع وتشترى على المعتاد كالضأن والبقر... الا ان البدوي في الخيل خاصة لا يريد ان يقطع علاقته بفرسه. وهذه أشهر بيوعاتهم: بيع مثانى. وذلك بأن تكون أول بطن للبائع، وبعدها للمشتري والثالثة للبائع، ومن ثم تنقطع العلاقة بها... واذا كان المولود (فلواً) فلا عبرة به، وتجري القسمة على ما عداه... بيع النصف. وفي هذا تكون القسمة على البائع، والخيار للمشتري لأنه هو الجاني (المربي) للفرس. وقد تبقى الشركة لمدة طويلة.. بيع العدالة. وفي هذا يكون البطن الأول اذا كان انثى للبائع وتفك على ان يكون للمشتري منها البطن الأول أيضاً وتنقطع العلاقة. بيع الرجل. وهي الربع على الشيوع. (1/107) ومن هذه كلها اذا كانت الخيل مشتركة قسم الشريك وكان الخيار لصاحب الرسن وهو القائم بتربية الخيل، وينقطع الخيار لمرتين وفي الثالثة ليس له ان يرجع عن اختياره وذلك انه يختار فاذا وافق الطرف الآخر فله ان ينكل عن الخيار، ثم يقسم الشريك مرة أخرى وله أيضاً ان ينكل، وفي الاثلثة ليس له ان يرجع عما اختاره، ويكون هذا قطعياً... 2 - الابل اذا كانت الخيل وسائط نجاة مهمة لحياة البدوي فلا شك ان الأبل قوام هذه الحياة ووسيلة بقائها وطريقة سد حاجياتها.. فمنها لبنه، ومنها وبره ومنها لحمه، وجلدها نافع له... وهي واسطة نقله من مكان الى آخر، وحمل اثقاله فهي في نظره (سفن البر)... ولولاها لكانت حياته منغصة، وعيشته مرة، وآماله ضيقة... وهذه فيها غناؤه وثراؤه بل من اعظم ثروة له، ومن أهم تجارته، وأكبر واسطة لنماء أمواله... لا تعيش للبدوي أنعام وهو في حالة غزو، وتنقل سريع من مكان الى مكان الا اذا كانت كهذه الابل تتحمل المشاق، وتتكبد الصعوبات والاراضي الوعرة، والفيافي البعيدة عن العمران... فهي بحق تعدّ أعظم نعمة ناسبت اوضاعه فكأنها خلقت لأجله، وقدرت له في أصل الخلقة... وفي آية " أفلا ينظرون الى الأبل كيف خلقت " دليل الامتنان بهذه النعمة، ولولا الابل لما تمكن البدوي ان يبلغ المكان الذي يريده الا بشق الانفس وصعوبتها، وهكذا المشاهد والمنتفع به أكبر دليل وأعظم نعمة... والعرب في آثارهم الكثيرة من كتب الأدب واللغة تعرضوا للكلام عليها، واوسعوا المباحث ومن اقدم من كتب، وخص الأبل بمباحث خاصة الأصمعي فقد نشرت له في الأيام الأخيرة رسالتان في الأبل وردتا في (الكنز اللغوي) للدكتور أوغست هفنر استاذ اللغات السامية في كلية فينا. طبعت هذه المجموعة في بيروت سنة 1903 والرسالتان احداهما جاءت في صحيفة 66 والأخرى في صحيفة 137. وعلى كل حال يهمنا ان ننظر الى ثروة البدوي، ونقدر قيمتها ومكانتها ونعين طريق معيشته من وراء هذه الثروات لنتخذ له التدابير الملائمة للانتاج، والطرق الصالحة للتكثير، ومخارج للبيع والصرف في المواطن الأخرى للاستفادة من نواح عديدة منها.، فنكون قد ساعدناه وجعلنا حالته في رفاه وربحنا منه في تجارتنا، وضرائبنا، وسهلنا له مهماته... والابل في العراق كثيرة، وكانت لها فائدتها قبل شيوع السيارات؛ فهي من أرخص وسائط النقل، وإن كانت بطيئة... اهمال هذه الثروة دون عناية في امرها غير صحيح، ومن اهم ما يعرض للبدوي قلة المراعي لها، ومن الوسائل الفعالة افساح المجال له للسرح في مواطن لا يستفيد منها سواه، وفي هذا تخيف لويلاته ومصائبه مما قد يؤدي الى ضياع كافة ابله... والابل انواع كثيرة، وبينها ما هو معروف قديماً، ويعد من نجائب الابل لما فيه من المزايا المختارة من سرعة، وتحمل مشاق، أو ما ماثل... أنواع الابل: وأشهر المعروف منها مما ينتفع به للحليب والحمل: ويسمى (البعير) ويقال له (الرحول): 1 - الخواوير. وواحدها خوار، وهي اباعر عنزة وشمر وغالب البدو بصورة عامة، وهذه ابل بادية الشام، تصبر على العطش، وتستخدم للغزو، تعيش خارج المياه في البادية الجرداء. وهذه لا تعيش في العراق في الأرياف من جهة القارص (الزريجي) والمعروف منها (بنات وضيحان)، و (بنات عبجلي)، و (النجبانيات)، و (الشراريات). 2 - الجوادة. واحدها الجودي وهذه في الغالب عند المنتفق وغزية والصمدة من الضفير وسائر القبائل الريفية كالزكاريط (الزقاريط) وغيرها. ولا تصبر هذه على الضمأ، ولا تتحمل المشاق التي تصيب البدو... وابل شمر طوقه كلها (جواده). وهناك قسم آخر يستفاد منه للركوب غالباً ويقال له (الذلول) ومن أنواعه: التيهية. وهذه صغيرة، ولها رسن، تفيد للسرعة وللمغازي، وتقطع مسافات بعيدة. وهي عند الشرارات من الصلبة، والحويطات منهم. وهذه تطرح النعام، والغزال، وهي للركوب خاصة، ويقال ان اضلاعها سبعة في كل جانب. الحُرّه. تعيش في البادية، وتصبر على الماء، وهي عند شمر وعنزة، وعند الشرارات. وبها يتمكون من اللحاق بالخيول... العمانية. من نوع الجودي، وهي جميلة ووافية، وغالب ما تكون عند المنتفق ويحتفظون بها، وقليلة في سائر الأنحاء، ومواطنها على ساحل خليج فارس. الباطنية. وهذه قليلة في العراق. (1/108) قال صلبي يخاطب عشيقته: (للسيلان منهم) يا نديبي شد لي كور مهذالي ... من ضراب التيه وامه شرارية لشنطته بالرسل صابه حفالي ... مثل دانوك حدته الشماليه نحره يم الغضى طيب الغالي ... عين خشف مرتعه له بوسميه الوانها: الوضحة. بيضاء الصفرة. دبسة، غامقة. شعلة. أقل انكشافاً، والجواده القسم الأعظم منها هذا لونه. الملحة. سوداء. الزركه. عشمه. الشكحة. بين البيضاء والشعلة. وهذه كلها في الخواوير. حمرة. على احمرار وفيها غمق. والبيض منها كلها تدعى (المغاتير)، وما كان فيه سواد، أو ملح يقال لها (السحمية)، أو (السحمة). ومن أوصافها: (الصجرية)، و (ابكع ظهر)... شواذيب وعذاريب من العيوب في الأبل ما يسمى الشاذب، أو الشاذوب والضبطه فيقال ليس فيه (ضبطه وشاذب)، والعذوربه أو العذاريب وقد يطلق الواحد على الآخر كلفظ مترادف ويقال (سالم العذاريب). وهذه أشهر ما هو معروف: الطير. سكتة دماغية الخراش. نوع جنون الضلع. الجرب. الجدري. وهذا يكون في صغره الورك. مرض في الابط. وأصل الشاذب عظم زائد في صفحة زور البعير. وهناك عيوب لا عن مرض وانما هي عيوب في الخلقة، أو نقص في الأعضاء: الجدعه. مقطوعة الاذن. العصلة. مقطوعة الذنب الحرده. تضرب بيدها على الأرض؛ وهو نوع فالج. الخطلة. مرتخية أعصاب الرجل عكس الحرده. جنفه. فيها لحمة كبيرة تحت أبطها النجبه. مخلوعة الزند (مفسوخته). أسنان الأبل المخلول. عمره سنة1 المفرود. عمره سنة2 اللجي. عمره سنة3 الجذع. عمره سنة 4 وهذه يبتدئ فيها اللقاح وهو الضراب. الثني. عمره سنة5 الرباع. عمره سنة6 الخماس. عمره سنة7 الجالس. عمره سنة8 ومدة الحمل 12 شهراً ومن النوادر أن يكون 13 أو 14 شهراً. الوسم والشاهد وللأبل عند كل قبيلة، أو فرع من فروعها علامة يسمونها بها لتعرف وهذه تختلف اشكالها بالنظر لما تتخذه القبائل ولا نجد تقارباً في الوسم الا قليلاً، وكذا يقال للشاهد وهو نوع الوسم الا انه لا يعول عليه في التفريق، وإنما هو أشبه بالاشارة الخاصة... والوسم يكون على اليمين أو على اليسار، أو على الرقبة... والشاهد يكون على يمين الوسم، أو يساره، وقد يكون الوسم على اليد اليمنى، أو اليسرى... والشاهد على الرقبة، أو يكون قريب الخشم ويصير محاذياً للعين، أو نازلاً الى الفك وعلى كل لا يعول على الشاهد. وسم شمر طوقة كاشارة على يمين الناقة، والصلتة منهم يجعلون الشاهد قدامه، والغرير منهم في يساره، والزقاريط عندهم الوسم اشبه بحرف T اللاتينية ويكون في اليسرى وشاهدهم في الوجه على الجانب الأيسر في منحدر الرسن والنصر الله (فرقة منهم) على الفك... ولا يكاد يحصى الوسم لكل قبيلة وشاهده، ولقبائل عنزة لكل منها وسم خاص، كما لقبائل شمر كذلك... شركة الابل وشركة الابل للانتفاع منها تكون بأمور عديدة ولكن هذه لا تظهر إلا في القضايا الجزئية والمطالب الصغيرة مما يجرى بين الطبقة الضعيفة، أو بين ضعيف وغني... ومن هذه: شركة عظم. وذلك أن يشتري الموسر الابل، ويشغلهن عند آخر حتى تفك اثمانهن من النماء والربح، وحينئذ يشترك معه مناصفة... ولكن هذه الشركة يصح ان تفك عند الطلب، ولا تكون مقيدة بشرط، ومع هذا اذا وجد شرط لزم مراعاته... وفي هذه الحالة اذا طلبها صاحبها قبل ان تفك فحينئذ تباع وما زاد عن قيمتها يقسم بينهما... فالتعب الذي بذله العامل لا يهمل بوجه، ولا يضيع... شركة العدالة وتكون في الغالب في الغنم، وتقل في الابل وذلك بأن تعطى الشياه او الابل الى آخر ويشارك في النماء، ولا يكون شريكا في العظم الأصلي بل في الصوف والدهن... ان تودع الابل على ان تكون الاجرة مثالثة، ثلث للجاني وهو الذي قام باعارتها... ويتسلمها المكاري كاملة الحدايج والثاية... واذا كانت كثيرة فيصح ان يشترط على صاحب الابل اكثر، وان يستخدم معه آخر فيكون نصيبه النصف... ويطول بنا تعداد كل ما هو معروف، وانما الغرض الفات الأنظار الى هذه النواحي، وعند الاختلاف يرجعون الى العارفة، والضعيف يلجأ وان كانت القضايا تافهة. بيوعات (1/109) في الابل قد يكون البيع صفقة واحدة وتنقطع العلاقة وقد لا يكون كذلك وتبقى العلاقة لمدة بأن يشتري المخلول والغركان، والمخلول منهما تراه، ويكون مولوداً، ويؤخذ وقت طلوع سهيل، أو أن يسلم صيفاً... وإن المشتري في هذه الحالة يسمى (شراي حبل) والمفرود ويقال له الغرقان، كأن يشترى في بطن أمه ثم يأخذه المشتري بعد أن يفطم من أمه وذلك بأن يحول عليه الحول أو أزيد واذا مات المبيع في هذه الحالة فهو مضمون.. ويسمى (المجفوت). هذا ما يعين البيوعات عندهم، وان الضمان يترتب لأنه لم يسلم الى المشتري في الوقت المضروب، وغالب هذه يجريها الضعفاء والفقراء فيما بينهم، وهي التي توضح بقايا بيوعهم.. والغرض من هذه البيوعات الشراء سلفاً، وان يكون تحت ادارة البائع لمدة... الرعى اذا أراد أن يسرح في الابل يعطى مخلولا ومبلغاً معيناً يقدر بدينار أو أكثر، أو مفرده وحده، أو مبلغ وحده وذلك حسب قلة الابل وكثرتها... الدخيل تعطى الابل الى آخر فيذهب بها الى نجد أو الى مكان آخر، وذلك الراعي أو آخذ الابل ضامن ويجعل الابل مرخوصاً من قبله يقال له (الدخيل) والوصي وهذا هو الذي وكله... فاذا رفض وكالته فحينئذ يصرح بذلك ويشهد ثم يخلط الأموال (الابل) بما عنده، ولا يضمن المقدرات أي لا يتوجه عليه ضمان الدرك، فاذا مات بعير يثبت الشهود على موته وحينئذ لا يبقى حق. اما لو طالب المالك ببعيره فامتنع من اعطائه الى الوصي ضمن أي انقلبت يده الى يد ضمان. وداعة البدو للبدو وهذه امانة لا تفرق عن سائر الامانات الا انه يتصرف بها وينميها، أو يبقيها امانة على حالتها دون تصرف... والبدوي في أحوال عديدة يريد أن يسير الى أهله، وليس في امكانه الا ان يكون مجرداً، وتكون هذه محترمة ومحتفظ بها للأمرين المذكورين، وللأمين الحق في اختيار احداهما، ولا يفترق المودع بين ان يكون بدوياً أو غير بدوي، ولكن يصرح غير البدوي بغرضه فيقول هذه (وداعة البدو للبدو) أي أنها الوديعة المصطلح عليها عندهم. وللامين الحق في حفظ عينها، او التصرف بها. فاذا كانت الوديعة شاة مثلاً تكاثرت عنده، أو حواراً، أو بعيراً كان الأمر كذلك، واذا باعها اشترى بثمنها ما ينمو، كأن كانت بعيراً فحلا كرى عليه ما عنده ونمّى الحاصل، أو باع البعير واشترى به ناقة، فاستولدها... والحاصل لا يسوغ له بوجه ان يخون هذه الأمانة، وإنما يستثمرها لصالح المودع، واذا كانت مبالغ اشترى بها ما فيه فائدة الى آخر ما هنالك، وقد يعين المالك الذي ائتمنه ان يتقاضى أجراً عوض العناية، وهذا غير ما يعطى للراعي أجرة رعيه وسرحه... 3 - اموال اخرى لا تعتبر الأموال الأخرى في الحقيقة من أموال البدو المهمة، وإنما الأموال الحقيقية هي التي تلائم أوضاعهم الحياتية... فاذا تقربوا من الأرياف صاروا يقتنون الغنم، ويلاحظون أمر رعيها وتكثيرها... واذا وجدت أموال أخرى فهذه لا تعد من أموالهم الأساسية. والغرض بيان ما يعوّل عليه البدوي من الأموال في بداوته، ومن أشهر أموالهم الأخرى الغنم... - 6 - الشيم والأخلاق ضيق المعيشة، وضنك الرزق، وقلة الموارد قد تجعل المرء في لبس من تصديق ان البدوي لا يكذب، وانه صريح القول، ينفذ ما عزم على فعله وما قطع في امره... وهو في هذه الحالة لا يشهد كذباً، ولا يحابي... وفيه من الشمم والأباء والعفة بمعناها الصحيح، واكرام الضيف، وحمى الجار والنزيل ما لا يوصف. شاهدنا وقائع اعترف فيها البدوي انه قتل، أو أنكر القتل فلم يحلف، ولم يخن أمانة، ووفى بعهده وهكذا.. وكم أخذتنا الحيرة في وقت لا نراه يقدم على الكذب وهو في أشد المواطن خطراً، وأعظمها حرجاً... نرى أوصافاً كثيرة عند البدو ولا نجدها عند غالب اخوانهم من الحضر فكأن البداوة ملازمة للصدق، والانفة من الخديعة والكذب، وكأن الحضر غير منفكين من الأوصاف الرديئة الا من عصم الله تعالى... ذلك ما دعا ان يأمن الحضري معاملته مع البدو، ويتخوف البدوي من أهل المدن وحيلهم والطرق التي يتخذونها لسلب ما عنده، فهو في حذر وخوف حتى انه اذا اشترى بضاعة يشترط أن تكون (سالمة، مسلمة للمناخ) وهكذا... (1/110) ونخشى في هذه الحالة أن تتطرق اليهم بعض صفات أهل المدن الرديئة، وتنتقل عدواها وان القائمين بأمر اصلاح المجتمع يحتم عليهم الواجب ان يلاحظوا هذه المهمة، وان يتذرعوا بوسائل مانعة من التسرب الى هؤلاء، وأن يسيروا بهم الى التربية الحقة...! مرت أمثلة كثيرة تبين صراحة البدوي وصدق لهجته، وصفاء سريرته... ونحن في حاجة كبرى الى أن نتعلم منه المهم من الأخلاق الفاضلة، والسجايا النبيلة... وان لا نتهاون في أمرها، لا أن نفسده وهو سهل الخديعة، فيتذرع بالوسائل الرذيلة... ونتمنى ان لا يدخله الاصلاح قبل ان ننال قسطاً منه والا سقناه الى ما نحن فيه، وبهذا انتهكنا حرمة أخلاقه وعلوها وسمّو سجاياه وفضائلها... وهل من الصلاح ان نتولى امر الاصلاح ونحن لم نتسلح بما عنده من سجايا، ونتطلب منه ما هو مفقود وقد قيل (فاقد الشيء لا يعطيه).. جلّ آمالنا ان يحتفظ هذا البدوي بحسن سلوكه، وطيب اخلاقه، وصفاء نيته الى ان تتبدل حالة التربية العامة بخير منها، وتكون اولى مما هي فيه... - نعم قد تكون في البدوي بعض الصفات التي اكتسبها من حاجته ومحيطه، ويهزأ بمن يذمها، أو يلومه من أجلها أمثال الغزو... ولكن هذه بالنظر الى منع حوادث الغزو، والاتفاق والتكاتف بين الدول المجاورة على منعه تغيرت هذه الحالة، وماتت من نفسها، وصار يشعر بأن ماله ما اقتناه من طريق مشروع... وستقوى هذه الخصيصة ويتعود مغزاها في حين انه قبل هذا اذا قيل له: - الله يحرمك من غارة الضحى! كان يجيب: - وهل(1) وجه، وهل وجه...! يريد بل أنت تحرم منها!! وكانوا يؤدون من غارة الضحى بعض الصدقات عن موتاهم..!! وغرضهم من غارة الضحى أنها على وجه نهار، ولم تكن خفية، أو خلسة...! ومهما كان الأمر فالبدوي يغزو وينهب، ويقتل ولكنه لا يكذب، ولا يخدع، ولا يخون الامانة، ولا يقبل بذل، ولا يرضخ لقوة..!! يعيش بعزّ، ولا يرضى ان يهان، حر الضمير، صريح القول، وعفيف الذيل في غالب أحواله.. وهو أيضاً كريم بطبيعته، شريف في نفسه، أبي، لا يتردد عن معونة، ولا يحجم عن مساعدة... والقلم ليعجز ان يجري في بيان كل خصاله الحميدة المقبولة... والمرء ينجذب بل يكون مغرماً بأوصافه هذه وأتمنى أن تكون هذه بصورة عامة عندنا... وأن نمضي على كثير منها... سجايا قوية، عالية، لا تفترق بوجه عن أوصاف العرب القدماء؛ ولا تقل عنها، ويعوزها ما أعوز تلك من اصلاح حقيقي، وتهذيب اجتماعي، لا يشبه ما نحن عليه اليوم، ولا يأتلف وما نحن فيه... ولم أكن في قولي هذا ساخطاً على المجتمع أو غاضباً عليه الا أني أرغب أن يتحلى بأكمل صفات الرجولة، وأن ينال حظه من الحضارة مقرونة بتلك السجايا الفاضلة... وهم كما نعتوا انفسهم: حنّا جما صافي الذهب ... وانظف من الخام الجديد ولا نريد أن يزيف هذا الذهب، أو تنال ذلك الخام نكتة تكدر لونه او تودي بصفائه وجميل رونقه... فاذا كان: حسن الحضارة مجلوب بتطرية ... وفي البداوة حسن غير مجلوب فالأخلاق فاضلة، وعزيزة، لم تدخلها التطرية، حسنها طبيعي، وسالم من العذاريب الكثيرة كما يصطلحون عليها... وهنا نذكر بعض أوصافهم العامة: 1 - النخوة وهذه من أكبر وسائل التكاتف، ويقال لها (العزوة) أيضاً، وفيها تتشارك القبائل التي تمت الى نجار واحد، وغالب القبائل تعرف القربى بينها بسبب هذه النخوة... وقد مرّ بنا ما ينتخى به القوم، وهي دليل الأخوة، وشارة التكاتف والظاهر ان اصلها (انااخوة) ومنه اشتقت (النخوة) ومثلها العزوة ويراد بها الانتساب الى نجار واحد... قال الشاعر: لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا وهذه هي النخوة، والندبة مثلها... واذا صرفت النخوة الى ناحية التكاتف على اتباع الحق، ونصرة المظلوم، ومقاومة الشر فما أحلاها. والتلقين الى هذه الناحية قد يؤدي الى نتائج مرضية... 2 - الدخيل، الدخالة في القتل يدفع عن القاتل لمدة ثلاثة أيام على ان لا يسارى ولا يبارى... وفي المطالب الأخرى غير قتل النفس يكون الوجه لمدة سنة، فلا يتعرض له أحد. الا أن (فورة الدم) لا يصد احد فيها، والوجه لا يمنع غالباً الا أن يكون قوياً ويتمكن من زبن الهاجمين... 3 - الوداعة (1/111) وهم أحفظ للأمانة، وأحرص على الوديعة، وقد مرّ بيان بعض حوادثها الخاصة، ويتفادى البدوي في صيانة الوديعة... وعلى كل حال تظهر أوضاعهم العامة وأخلاقهم الاجتماعية، وكذا الفردية من طريق تثبيت الوقائع الاعتيادية، وفي مواطن الحروب واوقات الغزو وقد اشير الى ذلك فيما مرّ، وسيأتي من الأمثلة في خصوماتهم مما يعين أخلاقهم في بعض الأوصاف والأقوال التي يعابون من أجلها، ويحق لهم أن يطالبوا بالحشم، أو يعقروا من جراء ما نالهم من اهانة، أو يلتمس منهم العفو أو التعويض... وليس لهم حكومة يلجأون إليها، وإنما يستعينون بقوتهم. ولا مجال لحصر المقبول من فضائلهم، والأخلاق المعتبرة فيهم... وتتجلى اكثرها في حالاتهم الشاذة، وخصوماتهم، ومنازعاتهم.. ولو استثنينا الغزو والوسكة وما ماثل لقلنا هناك الانسانية الكاملة... ولكن للضرورات، وللمحيط حكمهما، وطبعهما... والتربية الصحيحة تعدل في الأوضاع المدخولة، وتؤدي الى الاصلاح الكبير وللتعديل القليل حكمه وأثره في الحياة الفردية والاجتماعية... هذا ولا تفيد التعديلات المادية، وإنما الأثر النافع للمبادئ القومية، والتربية الفاضلة، والعوامل النفسية، فهي شديدة الأثر، وكبيرة الفائدة... والأخلاق تحتاج الى حسن ادارة وخبرة تامة، وعلاقة قوية بالعقيدة..!! - 7 - العقائد والعبادات العقيدة عند البدو قليلة الكلفة، بسيطة، وأساسها قبول ما كان قريباً من أذهانهم، وأحق بالأخذ... ومن حين دخلهم الإسلام زالت منهم عبادة الأشخاص والأصنام، وحل التوحيد، فلا يميلون الى الرسوم، والأوضاع الزائدة... ومما يحكى عن الشيخ صفوق انه كان في مجلس ببغداد، فرأى ان قد جاء شيخ، ونال احتراماً من أهل المجلس فقالوا له هذا الشيخ فلان! قال هو شيخ أي قبيلة فأجيب بأنه شيخ الطريقة النقشبندية، وهي طريقة دينية... فكان جوابه ان الدين ليس له نقوش...!! ومن المعلوم ان الإسلام أعلن عقائده بأوجز عبارة، وهي ايمان وعمل صالح، او استقامة... مع قبول الارشاد لتعيين هذا المطلب، والبدوي لا يريد أن يعرف غير ذلك ولا يشغل ذهنه بأكثر... وفي هذه الحالة يجب ان لا نخرج به في تهذيبه الديني عن هذا، وبعض الايضاح المتعلق به والا كان نصيبنا الخذلان في نهجنا... ومن طبع البدوي ان لا يميل الى زيارة المراقد، ولا يهتمون بها، وهم أقرب الى التوحيد الخالص، وتراهم في نفرة من مراقد الصلحاء.. وغالبهم على مذهب السلف بسبب المجاورة لنجد، أو هم قريبون منهم... رأيت فرحاناً ابن مشهور حين وروده العراق في ديوان المرحوم السيد محمود الكيلاني النقيب السابق، وكنت حاضر المباحثة معه في بعض اوضاعنا الدينية، وكان ابن مشهور ينقدها، ويورد الآيات وبعض الأحاديث تقوية لحجته، وان سماحة النقيب يوضح له، ويوجه أغراض اهل بغداد، ويعتذر له من أخرى ويقول: هؤلاء صلحاء لا أكثر، ولا نعتقد فيهم غير ذلك! اما ابن مشهور فانه استمر في بيان تلك الأوضاع حتى قال: ما هذه اذن؟ (واشار الى قبة الشيخ عبد القادرالكيلاني) ألم تكن طاغوتاً ألم يقدم لها الاحترام!! وهكذا نسمع الشمري يقول وكان قد رأى ما يخالف عقيدته: يا عون من طالعك برزان ... ونام بشناكك هني ويا عون من فاركك البرغوث ... وفراك عبادة علي وبرزان قصر ابن رشيد في نجد، واراد بعبادة علي الشيعة في حين انهم لا يعبدون الامام علياً (رض) وانما يعتقدون فيه الامامة، وهؤلاء البدو لا يفرقون، ويرون مجرد الانقياد الى الشخص عبادة... ومن حاول اصلاح هؤلاء وجب عليه ان يلقنهم العقيدة من ناحية تفكيرهم دون أن يدخل فيها ما لا تقبله افهامهم... بأن تلخص له أساسات العقيدة بلا توغل في تفرعات زائدة، وان لا يعرف بالمذاهب الا انهم علماء معروفون لا اكثر... وأرى أن يكثر له من تدريس القرآن الكريم، وأن لا يعدل عنه، وان يسترشد بأحكامه... وفي هذا اصلاح لأخلاقه وعقيدته معاً، وفيه أبعاد عن كل نعرة طائفية، واستهواآت حزبية... فيكون مصروفاً الى ادلته الحقة، وأن نقربها لفهمه.. وهم في الغالب مالكية، أو حنابلة ويجب أن يلقنوا العبادات على مذاهبهم بما لا تصح بدونها، وان يلاحظ تقليل التكليفات قدر الامكان، والدين يسر... (1/112) وعلى كل حال رغبة الاصلاح تستدعي التفكير الطويل، واستطلاع الآراء حتى تظهر الفكرة القوية الصالحة... وأرى من الضروري تدريسهم مجمل التاريخ الإسلامي، وذكر الغزوات والملاحم الإسلامية بحيث يتجلى لهم النشاط، وصفاء الأخلاق، والتفادي في سبيل هذا المبدأ الجليل، وان لا تنسى العلاقة، وان يحتل هذا التاريخ محل القصص الخرافية، والحكايات التي لا يؤمل منها نفع تهذيبي... - 8 - الخصومات - الدعاوي يقولون: المرجله ما بين حيل وحيله ... والحك يبري للي سيوفه كواطع أو: ما ينفعك زاد كليته ليافات ... " ولا ينفع المفلوج عوج الطلايب " 1 - العرف القبائلي ان القدرة، والشجاعة من اكبر الوسائل لحفظ الحقوق، وأعظم الحواجز دون انتهاك الحرمات، ويردد البدو " الحك بالسيف والعاجز يريد شهود " وفي هذا لا يقصد غالباً الا حماية الحق؛ والبدو من خير مزاياهم ان لا يكذبوا، ولا يتخذوا الوسائل لابطال الحقوق وقد قالوا " ولا ينفع المفلوج عوج الطلايب " ، ولا يخلو المرء من لدود وخصام، وهم اصحاب حجة، ومنطق عذب، وفكرة قويمة في الغالب والنزاع في الأكثر بين المتكافئين، والحكم بينهم يجب ان يكون ذا قدرة على حل القضايا والا فلا يتنافرون اليه، وإنما يميلون الى صاحب مواهب كافية لادراك ماهية هذه الخصومات والوقوف على جهات التلاعب في ادلاء الحجج... وهؤلاء لم يكونوا ملائكة، وانما هناك بواعث مهمة تثير الخلاف وغالبها يقع على المنهوبات (الغنائم)، أو على (حقوق النساء)، أو على (البيوعات) و (الامانات) وهكذا مما لا حد له لتعيين قضاياهم وهذه لا تخرج عن مادة الفقه. وأصل مواضيعه... وتسمى في مصطلح اليوم ب(العرف القبائلي) من دون سائر العوائد... ولا نريد في عجالة كهذه ان نتوسع في حقوق القبائل البدوية (عرفها)، وفصل خصوماتها، وطريق حلها... وكفانا أن ندّون بعض القضايا الواقعية، ونشرح بعض الأمثلة، ونراعي صور الحسم من محادثات مع بعض العوارف، ومناقشات في خصوماتهم، ومباحثة معهم ومعارضة لأفكارهم بقصد أن نتبين حقيقتها، ونعلم ماهيتها... واقتصرنا على ما يكفي للمعرفة والامام وإلاّ طال الأمر، وصعب كثيراً، وتشبعت أطرافه.. وعلى كل حال النظر يقتصر على ما يدعو للخصام ومراجعة العارفة... هذا وأحكام عرفهم متقاربة، وليس فيها تفاوت كبير والتغلب والاثرة أبقيا أثراً محسوساً فيها من مخالفات وأوضاع تعاملية منها ما لا يأتلف والشريعة الغراء.. 2 - العارفة والعوارف لا يقصد البدوي من الالتجاء الى العارفة سوى حلّ قضيته حلاً مرضياً يقطع النزاع، والا فالتحكم، والاجبار على صورة حل ترضي جانباً وتغضب الآخر وتضطره أن يقبل بقوة وقسر مما لا يميت الحقوق، وليس الغرض مجرد الحسم... ويصدق على مثل هذا قول (حكمت ولا أبالي)... ولعل التجارب العديدة بصرت بمراعاة (فصل الخصومات) من طريق (العوارف)... والملحوظ أن الناس كانوا يلجأون الى الأقوى لحسم النزاع دون ان تلاحظ الصحة استناداً الى هذه القوة أو أن يميل القوم الى الطاعن في السن ويطلب حله... ثم قطع البدو مراحل حتى وصلوا الى طريق القضاء بواسطة من أهّب نفسه، وأعدها لفصل الخصومات وكانت له بصيرة. وقديماً يقال له (الحكم)... ويقول أمراء شمر نحن الذين نصبنا عوارفنا واخترناهم من جهة اننا نظراً لمشغولياتنا لا نقدر أن نرى الخصومات بأنفسنا، فأودعناها الى من اعتمدناه، وبمرور الأيام صارت موروثة فيهم، ولا يعتبر عارفة الا من كان ابوه عارفة... وهذه الفكرة اقرب للصواب في تعليل موضوع العوارف، ولكنها قديمة جداً، وحكام العرب في الجاهلية لم ينالوا منصب القضاء، ولم يشتهروا الا لما فيهم من المواهب، وان كان هناك آخرون لم يلجأ اليهم أحد، والعارفة القدير يميل الناس اليه ولا يعدلون عنه كما انهم لا يجبرون على احد بعينه... 3 - محادثة مع عارفة قد جرت بيني وبين حسن ابن عامود من شمر المحادثة التالية: - هل تقرأ وتكتب؟ - لا! كيف تقضي بين الناس؟ كان آبائي وأجدادي عوارف... وكنت أشاهد قضاياهم، وأسمع ما حكموا به، وتناقلوه... وأنا أنظر في القضية، وعندي قلب واع... فماذا تريد وراء هذا؟ (1/113) وكأنه يقول عرفت تاريخ الخصومات والعرف ممن سبقني، وأدقق المسألة الموضوعة البحث، ولي بصيرة وادراك... وهذه من وسائل معرفة المحق من المبطل، وهي من دواعي الحكم... هذا مع العلم بأن هذا العارفة ليس هو من أكبر العوارف وأعظمهم. (لم يكن منهى). ولا أظن الحقوقي يحتاج الى اكثر من معرفة تاريخ الحقوق، والنظر في الموضوع، واستعمال عقله فيه... وبحق قال الزمخشري (العربان غربان)... ولم يراع هؤلاء أصول مرافعات، ولا قانوناً يرجع اليه سوى المعهود من تعاملاتهم إلا أن القضايا السابقة التي كان قد حلها عارفة آخر قبلا تعتبر أساساً وليس للمتأخر أن يتعداها، أو يتجاوزها في حكمه.. وكأن هذه المعلومية تكسبها قوة ويمهل المتضرر أن يأتي بدليل على هذا الحكم السابق. وهي بمثابة رجوع الى فتاوى، أو الى مقررات محكمة التمييز... والآن في حكومة ابن سعود يسمون العوارف ب(الطواغيت). لأن حكمهم لم يبن على أحكام الشرع وإنما هو على تعامل قديم، ووقائع سابقة ولا يرجع فيها الى الأحكام الشرعية وهذه قد تكون موافقة، أو مخالفة، ولكن الشرع وموافقته غير مقصودين... 4 - المنهى (محكمة تمييز البدو) وهناك من لا يرضى بحكم العارفة ولا يقبل بطريقة حسمه، وحينئذ له أن يعارض حكمه ويطلب ان يرجع الى (المنهى) وهو آخر محكمة بل آخر حاكم يلجأ اليه في نظر البدوي فيأذن له. وهؤلاء المناهي قليلون، لا يختلفون عن العوارف إلا في القدرة المسلمة لهم لا بانتخاب رئيس ولكن بحكم الشيوع والشهرة... وقد يعارض الحكم بما قضى به من سبقه، ويشترط أن يقدم شهادة من عارفة آخر كان قد حكم بما خالفه... وعلى كل حال سواء العارفة، أو المنهن لا يجوز مخالفة أحكامهم، أو مراجعة غيرهم وإلا أدى أن يطالب العارفة بالحشم، ويعد تحقيراً له إذا راجع أحد غيره كما أن غيره إذا عرف لا يقضي ولكن يجري ذلك تحت تحوطات خاصة، فإذا أودعت قضية الى عارفة فليس لآخر التعرض لها، أو التدخل فيها فإن فعل أخذ منه الحشم. وعند قبيلة حرب إذا عرض قضية الى عارفة وكان قد عرضها لآخر قبله أخذ منه الحشم. ومن هذا يعرف ان حكم العرافة قطعي، وحسمه لا يقبل النظر مرة اخرى إلا بالتحوطات المارة أو ما ماثلها ولذا نجد العربي القديم يفتخر بقوله: أنا الذي لا يعاب لي قول، ولا يرد لي قضاء. أو كما قيل: ومنهم حكم يقضي ... فلا ينقض ما يقضي والمشهور ان القدماء من العرب وضعوا قاعدة (البينة على من ادعى واليمين على من انكر) ومثله قولهم في الخنثى (اتبعه مباله) وبعضهم حكم فقبل الإسلام قضاءه... مما لا حد لاستقصاءه.. وللتحري عن حكم معارض كان قد سبق أن حكم به يمهل في ايام القيظ ثلاث ليال وفي الشتاء سبع ليال للتحري عن نص الحكم. ويقال له: " ردك الله للسوالف انها قبل ماضية... " 5 - امرأتان تتنازعان ابناً يحكى أن رجلاً تزوج امرأتين فولدتا في يوم واحد، وكانت القابلة أم أحدهما، أولدتها فاعطت بنتها ابن الأخرى وهذه اخذت بنتها دون ان تعلم... مضت بضعة أيام، والأخرى تميل الى الابن ولا رغبة لها بالبنت، وأخيراً قالت ان الابن هو ولدي فحصل نزاع ادى أن تثور الفتنة بين القبيلة... تحاكموا الى العارفة فكانت نتيجة تدقيقاته ان وزن حليب ام البنت، وحليب ام الولد كما أنه أخذ الحليب من حيوانات أخرى فوزن حليب الذكر وحليب الأنثى فوجد حليب الابن اثقل فحكم بان المدعية لها الحق في المطالبة بابنها... 6 - لو بطني فرّ فريت كانت الجموع من شمر متقابلة، والحرب مشتعلة بين الفريقين فكان أحد رجال شمر وهو مذود الزعيلي قد هوى على عدوه وهو من الفر من العامود بضربه سيف فسقط قتيلا، وذلك بمشاهدة هذه الجموع. أما القاتل فقد هرب الى عنزة وبقي مدة حتى مرض وأراد أن يموت بين أقاربه وقومه وأن لا تتوجه المطالبة عليهم مع أنه لم يكن القاتل في الحقيقة... فعاد ودخل على رئيس شمر وطلب منه الحق فيما وجه اليه من قتل الرجل من ال(فر)، فقام المجلس في وجهه وقالوا له قتلته بمرأى من الجموع والآن تطلب الحق فأجابهم: (1/114) - " لو ببطني فر فريت " ! يريد أنه لم يقتل أحداً من فر ولو كان قتله لفر منهم وهرب فصارت مثلا!! فتحاكموا الى العارفة بأمر من الرئيس فكان العارفة قد سمع بينه مذود المذكور وهو المهتم بالقتل في انه كان قد هوى على الفري بالسيف الا أن قطعة الرمح من آخر هي التي أزالت أم رأسه وقتلته. ومن ثم توجهت الخصومة على من شهد عليه الشهود. 7 - البدوي لا يورد عليه شاهد من أغرب ما اعتاده البدو انهم لا يبرهنون على دعاويهم الجزائية ببينة أو شاهد... وإنما يطلبون اليمين رأسا وهذا عام فيهم وذلك فيما عدا توجيه المطالبة فانها تسمع فيها الشهود... وقد رأيت بعضهم لم يحلف لأنه كان قاتلا واعترف وآخر طلب أن لا تسمع بينة عليه فلم يلتفت الحاكم وانتهره قائلا هل انتم أولياء ولا يقبل شاهد عليكم؟ فكان جوابه اننا كلنا خصوم، جمعان تقاتلنا فلا يصح أن يشهد بعض أعداءنا علينا. فلم يجد منه إذنا صاغية! فطلب ان يحيل القضية الى العارفة ومن ثم يرى رأيه فيما يطلب...! فوافق، وكان العرافة لم يطلب سوى اليمين. ومن الأدلة على ان البدوي لا يورد عليه شاهد قصة (لو ببطني فر فريت) المارة. ورأيت مبرد بن سوكي رئيس الربيعيين من شمر قد عين السبب في ان الدعاوي بأوضاعها تجعل كل واحد يتحرى عن الشهود، وتسوق الى الكذب، وأساساً لا يلزم القاتل وحده فلا يحلف كذباً قطعاً فلا محل للركون الى الشهادة...! 8 - الفصل طريقة حسم النزاع كما في الأمثلة المارة يقال لها الفصل. وهذه الطريقة يجبر عليها البدوي من جانب الرئيس، أو يلجأ إليها أحياناً دون الاستعانة بقوته خشية الفتنة، والخوف من وقوع حوادث قد تجر الى ما لا تحمد عقباه بين القبائل أو بين القبيلة الواحدة... على ما قيل: وجرم جره سفهاء قوم ... فحل بغير جارمه العقاب وهذا لا يسير على قاعدة معينة؛ وإنما يختلف بالنظر لعرف كل قبيلة والقبائل المجاورة لها... والعارفة لا يمضي على قانون أو قاعدة مطردة، وإنما يجب أن يكون ملما بما هنالك من سنن ومن خلاف بين عرف كل... إننا نرى وحده في ماهية الوقائع. وتقارباً في صور الحل، ولا يكون مشتركا من كل وجه، وإنما فيه خلاف، والملحوظ أن هذا الخلاف أما أن تكون ولدته القوة، والضعف وتحكم المجاورين، أو تباعد العرف بسبب أن كل قبيلة عاشت في موطن غير موطن الأخرى... وهناك جهات مشتركة هي التي نتناول موضوعها ولكننا سوف لا نهمل خصوصيات بعض القبائل، وما يجري بينها من قواعد الحل... إلا أننا هنا نشير الى معتاد القبائل بصورة عامة كما ذكرنا ذلك سابقاً... وغالب ما يعد جريرة في قبيلة فهو جريرة في أخرى وإن تفاوتت العقوبة أو اختلف مقتدار الضمان... 9 - الحوادث التي تستدعي الفصل الجرائر أو الجرائم معتبرة نوعاً عند الكل، ولا يفرق بين قبيلة وأخرى إلا في بعض الأحوال وهذه أشهر الحوادث التي تستدعي الفصل: القتل. السرقة والنطل. الجروح والشجاج. الحشم. العقود. النهوة. الوسكة الى آخر ما هنالك. وهذه في غير الغزو، وفي الغزو يستحكم العداء وذلك أن الأرض وإن كانت مباحة إلا أن كل قبيلة لها مواطن رعي وكلأ، وحما... وكل هذه لا يجتازها كل واحد ولا يمر منه بل دون ذلك خرط القتاد... إلا أن يتدخل المصلحون، ويجري على يد الرؤساء والعوارف في صور الحل بعد الاتفاق على الاساس... وفي المثل (هفا من وفى). وأما قسمة الغنائم فقد اشير اليها فيما سبق وهذه تستدعي الرجوع الى العارفة ويحدث من جرائها اختلافات كبيرة. لأن الغانمين بعد أن يستولوا على المال تتعلق به حقوق هي في الحقيقة أشبه بالمحرزات من صيد وغيره وتتنازعها أيدي الغانمين في بعض الأحوال. وأما في الشريعة الغراء فالغزو المعروف غير مقبول بوجه بل هو نهب صريح وغارة... على اموال الغير... والحكم به مما ينافي الشرع الذي يحث على حفظ الحقوق وإيصالها الى اهلها ومراعاة العدل في حسم القضايا المتعلقة بها وامحاء الاجحاف والغصب وتعويض ما يصيبه التلف من الأموال... ذلك ما دعا ان يندد الشارع بالعرف من هذا القبيل في آية " أفحكم الجاهلية يبغون " . والفصل يكون في المطالب الآتية: الدية، أو الودي. التعويضات والحقوق. (1/115) وقد يقال الفصل للحكم بالدية عن القتل تغليباً من جهة انه من أوضحها... والقوي لا يعتدي أحد عليه، وإذا حصل اعتداء فمن الممكن أخذ الحيف، واستيفاء الحق... 10 - القتل - الدية القاتل لا يقبل منه غير القتل وقاعدة (القتل انفى للقتل) جاهلية، والقاتل مهدد دائماً وكثيراً ما رأينا في شمر من لم يقبل الفصل وأبى أن يدخل في الصلح وإنما قال: أقتل ثم ادخل الفصل وامتنع بصورة باتة من قبول الدية وأن يأخذ بدلا عن قتيله... ولكن القربى، والجوار وتوسط المصلحين قد يؤدي الى مراجعة العارفة وحل القضية صلحا. والدية معروفة قديماً، وأول من سن الدية مائة من الابل أبو سيارة العدواني، ويقال ان عبد المطلب اول من سنها فأخذ بها قريش والعرب وأقرها الإسلام... وهو أو ل من قطع في السرقة في الجاهلية...(1) والحالات الاجتماعية، والأوضاع الخاصة تستدعي لزوم الحل صلحا، وحسم النزاع خشية أن يتطاير شرره... وحق التأثر للقبيلة كلها ويعد المقتول ابنها ولا تقتصر المطالبة على الأب أو على أقرب المقتول الأدنين... وبعد تسليم الدية وقبول الصلح تدفن الضغائن، ويزول الحقد والحنق واذا اثيرت الغضاضة فهذا معيب جداً... ولكن وقع أن أصرت الحكومة والرؤساء على بعض عشائر شمر في قبول الصلح ومراعاة الفصل فلم يوافقوا مدعين ان الحق في جانب واحد وهو الذي يحق له المطالبة واذا كان لا يرغب في الصلح فلا يجبر عليه، ولا يتدخل في فصل...! وهذا غير قبول الصلح ثم انتهاك حرمته... 11 - مقدار الدية وتوزيعها وهذا مختلف جداً بين القبائل، ويتفاوت مقداره بين افراد القبيلة والقبائل المجاورة... وإذا كانت القتلى من كل جهة كثيرين تراعى قاعدة (هفا من وفى) أي يتساقط القتلى ويودى ما يبقى... وهو المعروف عندنا بقولهم (دمدوم، وجرف مهدوم) ويريدون به دفن المطالبات... ومقدار الدية يختلف بين ان يكون المتقاتلان من قبيلة واحدة، او من فخذ واحد، او من قبائل اجنبية... وفي حالة كون القاتل من الأقارب لحد خمسة أظهر فانه يسقط من ديته مقدار ما يصيبه لو كان القاتل أجنبياً، والباقي يوديه... والدية بين هؤلاء الذين هم من قبيلة واحدة 50 بعيراً، وفرس واحدة، والاسلم بينهم خاصة 25 بعيراً، وكذا عبدة واما الصبحي والاخرصة فيما بينهم 50 بعيراً وهو الغالب في سائر البدو، والجار مثل القريب، وبينهم وبين الأجانب وهم الريفيون 7 من الابل. وهنا يختلف التوزيع بين القبائل الريفية والبدوية وذلك ان الثلثين وفرس الكبل تعطى لأهل المقتول (ورثته) والباقي يوزع بين الأقارب الى الظهر الخامس، ولا يأخذ الظهر الخامس اكثر من بعير واحد ثم يتضاعف للتالين في الدرجة. وهكذا يقال في الأخذ منهم وان فرس الكبل تؤخذ من القاتل خاصة... وهذا عند زوبع وعبده وسائر شمر... وعلى كل حال المسؤولية القبائلية محدودة بدرجة القربى فلا تتجاوز الخمسة الا ان يكون المقتول لم يعرف قاتله فتسأل القبيلة حينئذ. وفي هذه الحالة يكون الوضع كالقسامة في الشريعة الغراء... والدية في القبائل الأخرى لا تتفاوت كثيراً... ففي صليب بينهم الدية 75 ديناراً، وللمرأة نصف دية، ومثلها تعطيل عضو. وتسلم نصفها نقوداً والباقي سوام... وبين الأقارب 150 دينار والمرأة نصفها وكذا تعطيل العضو. وعند القبائل في الغالب تعطى للوارثين، وعند بعضهم لا تعطى للزوجة ولا للبنات وعند حرب تعطى لأهل المقتول، وعندهم ان الابناء يشتركون فيها الا ان الابن الاكبر يعطى حصة يقال لها (الكبرة) وهي نصيب زائد يستحقه... والملحوظ ان البدو ليس لهم حق عام الا ان هناك ما هو شبيه به وهو التكاتف والتضامن، والالصق هم المطالبون (بكسر اللام) والمطالبون (بفتح اللام) وفي هذه الحالة لو لم يطالب القريب، أو كان غير قادر على المطالبة فان أهل القبيلة يطالبون فالمقتول عندهم ابن القبيلة... ومما يجب ملاحظته ان التفاوت في الدية غير صحيح، وكان حكم الرسول " ص " (القتلى بواء)، وفي القرآن الكريم (النفس بالنفس) والدية عوض فيجب ان يكون متساوياً في الكل ليتجلى العدل... 12 - السرقة والنطل (1/116) في هذه تظهر أحكام الوسكة، ويلاحظ فيها اعادة المسروق والتعويض المرتب على هذه السرقة اذا كان المسروق منه من الأقارب، أو من النزيل... ويضاف المسروق في مراعاة أربعة أضعافه اذا كان من الحيوانات على عدد قوائمه، أو يراعى فيها ذلك بالقياس عليها.. ومن حكم العوارف في هذا الباب ما فيه غرابة ودقة وذلك أن رجلا أكل زاد مضيفه؛ ثم سرق منه فكان الواجب عليه أن يحكم بما شاء حتى يعفو عنه وإلا ترفع عليه الجناة (عصى معروفة) في العربان ويشهر حاله، وحينئذ يهدر ماله لكل أحد... ولكنه قضى بخلاف ذلك من جراء أن الموجهة عليه التهمة بيّن أنه نهب الفرس من سارقها الذي كانت بيده ولم يعلم أنها تعود لمضيفه، وعلى هذا لم يحكم عليه... هذا ما حكاه لي المرحوم السيد محيي الدين الكيلاني. والظاهر من مجرى الوقعة أنه لم يتبين دليل على السرقة، وغاية ما هنالك حيازة لا غير والمعاقبة عليها غير معروفة في وقعة مسموعة وذلك أن النهب والغارة مباحة لهم، ولم تتحقق السرقة في هذه الحادثة... 13 - الوسكة (الوسقة) ويراد بها الطريقة للوصول الى المال المغصوب او المسروق، ولكن لا من الطريق القانوني، وليس البدوي كالحضري يراجع المحاكم، ويستعين بقوة الحكومة، خصوصاً إذا كان الناهب أو السارق من قبيلة أخرى في منعة وقوة لا يستطيع أن يصل إليها دون مخاطرة كبرى وهكذا... فيتوصل صاحب الحق أن يغرم أقارب الناهب، أو ما يسمى ب(لزمته)... وهذا لا يقبله الشرع بوجه، واعلن بأن (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وإنما يراعى الأولى والأقرب لاستيفاء الحق، وإن العقل والشرع لا يقبلان أن يلزم غير المعتدي، وأن يؤاخذ غير الجارم. ولكن القبيلة أو الفخذ، أو الأقارب لم يكونوا بمعزل عن قربهم، وإنما هم بمنزلة اسرة واحدة بينهم تكاتف، وإذا لم يشتركوا في هذه الجريرة فهم متضامنون في السراء والضراء، يلبون عند الدعوة، ويجيبون النداء. يغضبون لغضب قريبهم دون أن يعلموا السبب.. وفي الأمور المالية يلاحظ هذا بدرجة محدودة عند البدو وإن قالوا (حلاهم دناهم) أي أحلى ما يتوصل به الى الحق هو الأقرب تناولا أو كما يقال (أقرب شاة للذبح) ويقال (الوسكة قربة للحق)... وذلك أن الوسقة يطالب بها لحد خمسة أظهر ويعللون ذلك بأن السيف إنما يقبض عليه بالأصابع الخمسة فإذا سقطت سقط السيف، ولا يبقى محل آنئذ للمؤاخذة ولذا يقولون (احلال بخمسة).... فلا يؤاخذ من هو أعلى من الخمسة أظهر.. وكأنه يقل التكاتف والتضامن الى هذا الحد... وفي هذه الحالة اذا ظفر صاحب الحق بشيء ولم يتمكن من استخلاصه لضعف فيه، أو لبعد أهله وعدم قدرته على الطلب... أو ما ماثل، فإنه يأخذ ما يصلح لاستيفاء الحق ممن تمكن سواء من السارق أو من غيره من أقاربه ويودعه حالاً عند أحد أفراد قبيلته ممن هو فوق الخامس، ويدعوه الى ايصاله اليه، وانه كفيل، وحينئذ يكون ملزما بإيصاله بأي واسطة وحسب قدرته، وأن لا يثلم وجهه بذلك...! وفيها كما يقول مثلهم قربى للحق، ودعوة للصلح، وتحريض من الأقارب على الفصل... وهذه الحالة شاملة للمسؤليات الأخرى في القتل وفي غيره من سائر الضمانات القبائلية مما مرّ بيانه... 14 - النهوة وهذه لا يرضاها الشرع بوجه وإنما يشترط الكفاءة، وإذن الولي عند بعض المذاهب والتحجير على حرية الشخص وتقييدها أمر غير مرضي، والتحوط ضروري، ومن كانت له علاقة تربية، وقربى قريبة يؤخذ رأيه، وتراعى رغبته... وغير هذه تعدّ من الأمور الممقوتة شرعاً... وامحاء الاجحاف بالحقوق، وصيانتها من الأمور الملتزمة ولكن هذه الاعتيادات قد يكون منشأوها ضعف الحالة، وقلة النساء، وما شابه... ومع هذا نرى البدوية لا تزوج قسرا، كما أنها لا تتزوج بدون رضا أوليائها... والحالة مبناها الرعاية لحقوقها، والعناية في الانتقاء والاختيار... وملاحظة حقوق الأقارب في الترجيح ولكن تمكن هذا الحق وصار يسمى ب(التحجير) وإنذار الأقارب من طالب الزواج (نهوة). ومن تزوج بعد أن نهي أو أنذر عرض نفسه للخطر، وفي هذه الحالة يرجع الى العارفة فيقضي بما هو
حيدرالعبساوي
حيدرالعبساوي
حيدرالعبساوي
حيدرالعبساوي

عدد المساهمات : 49
نقاط : 120
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 14/04/2012

https://alabsawi35.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى