عشائر العراق
صفحة 1 من اصل 1
عشائر العراق
المانعيات وهذه في الشامية. رقبتها طويلة أطول من الصقر. وهي من نوع الحر. البدريات. طيور حرة في البحر. الكبيدي. يصاد بين النخيل يأتي من البحر. الوجري (الوكري) الوجاري. وهذا في جبل حمرين، وجبل مكحول، وغيرهما. الفارسي. طير حر في البحر. الباز. وهو البازي، في حدود إيران. وهو يصيد الدراج، والحبارى، والأوز... والباقيات للصيد كله. الحر الكطامي. وهو مقبول. ويستعان في الصيد بالكلاب السلوقية ويطاردونها على ظهور الخيل، وغالب صيدهم الغزال، وباقي الصيود لا قيمة لها. وهناك من الطيور ما يصيد لنفسه مثل (ابو حكب)، و(الحدأة)، و (الشاهينة) و (النسر)، و (الباشق). وصليب في كل موسم لهم صيد، ومن صيدهم الغزال، والوضيحي، و الوعل والنعام، ومن صيدهم الوبر وهو أشبه بالأرنب ويسمى (جليب الدو) وسائر الطيور والحيوانات الوحشية.. ويستعملون في الصيد (الزنانيح) و (الفخ)... 5 - العرب البدو 1 - الخيل قال المتنبي: وما الخيل الا كالصديق قليلة ... وان كثرت في عين من لا يجرب اذا لم تشاهد غير حسن شياتها ... واعضائها فالحسن عنك مغيب 1 - الخيل كان العرب ولا يزالون في حب شديد لخيولهم، وتعد من أنفس ثرواتهم، يتغالون بها ويعنون بأنسابها وأرسانها، ويلحظون شياتها وعيوبها، وما يجب أن يراعى في تربيتها، واستيلادها، وذكر الوقائع العظيمة التي جرت على يدها، وهي عندهم كالأهل والولد، وربما كانت أعز، وأحق بالعناية والرعاية، عليها المعول في حياة المرء، وغنمه وربحه، وعزه ومكانته، أو تكون سبب هلاكه، أو خسرانه، والعربي القديم لا يفترق عن ابن اليوم وان كانت السيارات قد صارت تطاردها، وتسابقها في طريق نجاتها، ولكنها لم تقلل من قيمتها... واذا كان البدوي ممن يتعاطى الغزو والحروب، وله أمل في النجاة، والخلاص من المخاطر، فإنه يراعي حسن اختيار فرسه، ورسنها المعتبر... وله حكايات كثيرة يتكون منها آداب سمرهم ومحادثاتهم، وهي صفحات مهمة ولاذة، يصفون نجابتها، وأشكالها وعدوها، وفعالها في الحرب، ويتشائمون من بعض شياتها... ومواضيع الخيل يتكون منها آداب قد تعجز الافلام عن الاحاطة بها او استيعابها، وكتب الخيل القديمة والحديثة لم تف بالبيان، ولم تتمكن من الاحاطة بكل المباحث، ووجهات الأنظار متفاوتة. والاستقصاء يطول. يتردد على الألسن دائماً (الخيل معقود في نواصيها الخير)، و (نواصي واعتاب) ومن الخذلان على الأمة ان تكون قد تركت شأن خيولها، واهملت الركوب والطراد على ظهورها، ولكن لا بطريق السباق المعروف اليوم. فالسباق المرغوب فيه اختبار قدرة الفرس بامتحان ركوبها، والفارس وتجربته، وتعوده بتقوية عضلاته، وممارسته على المشاق... وفي ذلك ما يجلب الانتباه الى حالة الفرس وأوصافها البدنية، ومعرفة صحة أصلها ونجابة نجارها... ومن لم يزاول الغزو ير في ركوب الخيل، ومطاردة الصيد، والتعود على الرياضة والخشونة أكبر فائدة وأعظم نفع... بل ان الحضارة تتطلب الحصول على خشونة البداوة بمزاولة هذه الرياضة، وهي خير من الرياضة الصناعية، فيها حركات في الركوب والغارة، وقطع الفيافي، والاستفادة من القوة، وتنشق النسيم الطلق، وامتحان البصر، ومراقبة الصيد وترصده، ومطاردة الوحوش... وكلها من خير وسائل الصحة والتمرن على الفروسية... أنسابها (أرسانها) عرفت خيول كثيرة قديماً وحديثاً، ونجحت في حروب عديدة، وصارت عزيزة ومعتبرة عند أصحابها... وهذه هي السبب في تكون الرسن، فهي الصديق الذي ينقذ صاحبه من مهلكة، أو ورطة عظيمة، ووقعة خطرة... والبدوي يحفظ لها هذا، ووفاؤه يمنع أن يبذلها، أو يتهاون في شأنها.. ويتحدث دائماً عن الوقائع التي أدت الى نجاته بسببها.. ولابن الكلبي كتاب (نسب الخيل في الجاهلية والإسلام). وفيه عدد المشهور من خيل العرب... ولأبي عبد الله محمد ابن الاعرابي (كتاب اسماء خيل العرب وفرسانها)(1) (1/104) والعراق مشتهر بخيله الأصيلة، ذاع صيتها، وصارت تطلب من انحاء العالم خصوصاً في السباقات الدولية، وقد يقتنيها الملوك للركوب والزينة.. ولكن البدوي لا يلتفت الى كل هذا ولا يبالي بتجارتها، ولا شهرتها... وإنما تعرف عنده بما تقوم به من جولات حربية، وحوادث مهمة، فتنال شهرة بعدوها، وبراكبها وشجاعته في حومات الوغى وحسن تدبيره لها... هذا وتوالي الوقائع مما أكد له عراقة نسبها وكون لها رسناً مقبولاً عنده... يا بني الصيداء ردوا فرسي ... انما يفعل هذا بالذليل عودوه مثل ما عودته ... دلج الليل وايطاء القتيل وعلى كل يحافظ على الرسن كثيراً، والحصان الصالح يستولد منه، ولهم العناية الزائدة ويتقاضون أجراً على هذا فيقولون (حصان شبوة)... وكان يراعى في أنساب الخيل أن بعض هذه تقع حادثة، فينجو بها صاحبها وتكون سبب حياته فيسميها باسم يلازمها دائماً، واذا تكررت الحوادث منها أو من نسلها فهناك يتكون الرسن ولا تنسى، وفي هذا اعتزاز بسلسلتها، ووفاء لما قامت به... وقد يلازم الرسن البيت مدة فيسمى به. والملحوظ هنا أن الاحتفاظ بالرسن دون مراعاة الاعتبارات الأخرى قد أدى الى انعدام الخيل الأخرى مما لم يشتهر لها رسن، أو أن يقل الاهتمام بها، ولا يكثر رسنها... وهذا نقص اويشير الى عدم التغالي فيها... وفيه وقوف عند الجنس الرديء وإن كان أصله مقبولا. وحرصوا حرصاً زائداً وقالوا (الأصل يجود) ترقيعاً لما رأوا من عثرات لمرار عديدة، فتصلبوا في المحافظة، وتعصبوا تعصباً لا يكادون يسمعون خلافه... على ان ايام الطراد، والرهان قد عينت خيولاً مقبولات، وصار يحتفظ بهن. ومن أشهر أرسان الخيل: الجدرانية. وهذه عند حسن العامود من شمر، وصلت اليه من الفرجة من عنزة، واسم صاحبها الأول جدران فسميت باسمه، ووبير ان اخوه، واليه تنسب (الوبيرانية). العبية. عند ابن عليان من السبعة، وعند الشيخ عجيل الياور، وعند المرحوم السيد محمود النقيب والآن لا أعرف اين صارت؟ ومنها (السحيلية) عند السحيلي من فداغه، و (ام جريس) عند مدحي بن زهيان البريجي، و (الشراكية) عند نوري الشعلان، ويقال لها الشراكية الاخدلية، والاخدلي من الفدعان من ضنا ماجد ومنها (الهونية). المعنكية. وهذه منها: الحدرجية. السبيلية. وهذه من الحدرجية وهي عند ابن سبيل من الرسالين وعند ابن غراب من شمر. 4) - الكحيلة. وهذه يضرب المثل بعراقة أصلها؛ فاذا وصفت امرأة بنجابتها قيل (كحيلة)، منها: كحيلة العجوز. وهي كثيرة ومنها الاخدلية عن الاخدلي من الخرصة وجبيحة للصائح والآن عند شيخ محروت الهذال. كحيلة الأخرس. عند الاسبعة. كحيلة كروش. عند (العلي) من المنتفق. وعند الدويش في نجد. وهذه على ترتيبها ارجح الخيول المعروفة عند البدو كما هو المنقول عن الشيخ فهد الهذال. 5) - حمدانية سمري. وتسمى (العفرية) عند العفارة فخذ من السلكه وعند ابن غراب من شمر، وعند داود آل محمد باشا. 6) - الصقلاوية. منها الدغيم من الهذال، وعند زبينة من الفدعان وعند ابن عامود، وعند الاوضيح من الثابت، والاجويدي من الثابت. ومنها: الجدرانية. الوبيرية. النجيمة. 7) - النواكيات. عند الدويش من آل محمد، والنواك أصلاً عند الجاسم من الاسبعة. - الوذنه. في نجد، وعند المريجب من المضيان (السلكة) في العراق. 9) - الربده. عند لابد الرزني من عبدة. 10) - ريشه. عند ابن عيده من الرسالين " سبعة " وعند ابن هتمي " من عبدة " . 11) - شويهة ام عركوب. عند الرولة. 12) - الدهمة. من خيل ابن هيازع. وصلت من امام اليمن الى آل سعود ومنهم صارت الى ابن يعيش " من ضنا مسلم " خال فهد الهذال ومنه تفرقت وتكاثرت. والآن قليلة. وقد يقال " دهمة عامر " . ويظهر من هذه التسميات، والمعروف من أصولها انها سميت باسم اول من اقتناها فاشتهرت عنده أو بصفة خاصة بها أو ما ماثل... قال البدوي: الخيل عز للرجال و هيبة ... والخيل تشريها الرجال بمالها وعارضه آخر: العز بوروك النسا ... واللي عريب ساسها(1) تطلع منه كطم الاخشوم عنابر ... عنابر تسجي العدوّ امرارها (1/105) هذا وتعد من نوع اهانة الفرس وانتهاك حرمة رسنها أن يحرث عليها، أو يجعلها دابة حمل ونقل أثقال... وعلى هذا يترتب (الحشم) عندهم، اعتزازاً بأصلها، وزيادة اهتمام به. 3 - شياتها وأسنانها في البدو أرباب معرفة في أوصاف الخيل وبيان جمالها وحسن شكلها وتناسب أعضائها ومنها المقبولة، والمشئومة. فإذا كانت فيها سيالة (غرة في جبينها)، ومثلها محجلة الرجلين، وتسمى (المرسولة)، واذا كانت فيها غرة فهي مبروكة. وكذا يقال في محجلة اليسرى، وتسمى (المرجبة)، وهناك (المخوضة) وهي التي كل ايديها وارجلها بيضاء، واذا كانت اليد اليسرى والرجل اليسرى مخوضة، أو محجلة قيل لها (الزنية) وصاحبها يركب على بياض، وينزل على بياض... وهذه كلها مقبولة. ومما يتشائمون به من الخيول وتظهر المقدرة في تعيينها (الشعرة) تكون في الجبهة، أو في الصدر، أو في الرقبة، أو البطن... ومن ثم يدركون بركتها أو شؤمها وعندهم تجارب عديدة، ومعارف موروثة.. وغالبها ملازمة لما يفسرون به فالذي يسقط من فرسه فيموت، أو يدخل الغزو فيصاب، أو يكون تكلع أو ما ماثل يقولون انه ما ناله ما ناله لشؤم في فرسه، ولا يرغبون ان ينفروا من حرب... ولعل هذا هو السبب في توليد هذه الخرافة... وعندهم محجلة الايدي رزقها محدود، والشؤم عندهم في محجلة اليد اليسرى ويقال لها (كفن) فكأنها بمثابة كفن لراكبها.. وهكذا الشقراء الخالصة مشؤمة... والفرس اذا ذرعنا مؤخرها من الحافر الى القطاة وكان أطول مما بين حافر اليد الى الحارك تكون سريعة الجري، واذا كانت صدور الخيل عريضة، ومناخرها واسعة، وعيونها كبيرة، وجبهتها مربعة فهي مرغوب فيها... وقد نعت بدوي فرسه فقال: فيها من صفات الأرنب: نومه، وسرع كومه. ومن صفات الظبي: فزه، وكبر وزه(1). ومن الثور: كصر جين(2)، ووسع عين. ومن الجاموسة: وسع حجب(3)، وقوة عصب. ومن البعير: وسع جوف، وبعد شوف. وفي (كتاب الخيل) للأصمعي بيان عن أوصاف الخيل وتفصيل اعضائها، والاستشهاد بأبيات قديمة لشعراء كثيرين. وعندي نسخة مخطوطة منه، ورسالة مخطوطة في (فضائل الخيل) لم أقف على اسم مؤلفها تبين جياد الخيل، وترتيب سبقها... ورسالة أخرى منسوبة لامرء القيس في الفراسة ومعرفة الخيل، والعلامات الحسنة وغيرها، و (اسبال الذيل في ذكر جياد الخيل)، لنجم الدين بن خير الدين الرملي... وأسنان الخيل أو أعمارها في الحاضر: الطريح. اذا كان قد سقط لمدة ستة أشهر الحولي. اذا ولد لمدة سنة واحدة الجذعة. التي تبلغ من العمر سنتين. وتشبى في هذا السن. الثنية. لها من العمر ثلاث سنوات. الرباع لها من العمر اربع سنوات الخماس. لها من العمر خمس سنوات وتسمى كرحة (قرحاء). 4 - التجفيل - التجبيش: (السباق) تعويد الفرس، وتنفيرها باجراء تمارين وممارسات عديدة لها يعرف ب(التجفيل) أو (التجبيش)... وهذا من خير الطرق لنجاح الفرس في السباق أو في الغزو أو الحرب... ولتربيتها أصول، وطرق اعتناء، ومراعاة الحالة التي يجب ان يجريها، والعناية ضرورية، ونعلم ان البدوي يهتم بفرسه، ويلاحظها اكثر من نفسه، ولكن السباق يحتاج الى وصايا صحية، وأوضاع خاصة في أكلها وشربها... وركضها وتمرينها ولا يقوم بهذا عندهم سوى مالكها. والبدوي على حالة غير حالة الريفي فانه يجفل فرسه دائماً، ويطارد عليها فنكون في وضع تأهب على الغارة، وتابعة لأدنى اشارة.. بخلاف الريفي فانه لا يراعي هذه إلا في اوقات خاصة ولا مجال له ان يطارد في اراض محدودة، فالخيل لا ترى ميداناً فسيحاً، وتحتاج الى تمرين لتنال مكانة في الركض، وغالب الخيل القوة النشيطة هي التي تعيش في مكان عذي (هواؤه عذب ونشيط) ومن ثم يكون النجاح كفيلها... والألعاب، والسباق على ظهور الخيل من ألذّ ما يجري بين العربان في أيام افراحهم، أو ابان التمرن على الحروب... والتأهب للغزو. (1/106) وهنا يظهر المجلى من الخيول، وهذه تابعة لتقدير قوة الأعصاب للعدو... ونفس الركض وميدانه حتى ان بعض الخيل قد لا تسبق اذا لم يطل ميدانها، وتنال السبق على الكل اذا طال المدى... فاذا لم تقدر هذه النواحي وأمثالها فلا أمل في نجاح غيرها، ويضرب العرب الأمثال في المدى وطوله... وعلى كل حال هناك أمور يجب الانتباه اليها وتحتاج الى خبرة وفكرة قويمة، وغالب من يقوم بهذه المهمة متمرن عارف... وفي هذه الأيام راج سوق الخيل في السباق، وتولدت بينهم مصطلحات كثيرة لما رأينا من عناية الأجانب بها، واستفادتهم منها، وتعيين درجات السبق، والرهان عليه... ومن ثم رجحت من نالت السبق لمرات، وصاروا يتغالون في أثمانهابالنظر لما تربحه، واشتهرت كثيرات قد لا تكون علاقة للرسن بهن، وانما انحصر ذلك في خيل معينة، وبهذا حصل انتقاء في السوابق، وطوي ذكر الخيل الأخرى، وان كن من الخيل العراب... وفي المثل (عند الرهان تعرف السوابق). وهذا من ضروب المقامرة بل من اعظم المقامرات، ومن أشد الاضرار على الخيل والاجحاف بحقوقها بل التجاوز عليها، ويجب ان لا يشيع بكثرة وانهماك في أمة حريصة على اوضاعها الحربية، والانتفاع من نشاط خيلها، وقيمتها الحربية... وقد مر الكلام على السباق المرغوب فيه... ومن المؤسف أن يروج سوق الخيل من طريق سباق المقامرة، وتزيد العناية بها من أجله... 5 - أسماء الخيل وأسماء الخيل المعروفة قديماً وحديثاً كثيرة عندنا، ولها في هذه الأيام اسماء جديدة، واشتهر من الخيل القسم الكبير لما كان لها من مواقف بارزة في الحروب كما اشتهر شجعانها فحافظت من جراء ذلك على أرسانها، واليوم يعوزنا احصاء اسماء الخيول المعروفة... وتعداد كل ما عرف واشتهر في السباق وغيره يطول كثيراً. وهذه بعض المشهورات: عسيلة. تاج عطية. ردحة. حمية. فضيلة الهوى. هذا ويضيق المقام عن التعداد. وللأسف كل هذه الخيول العراقية لم تشتهر بوقائعها وانما عرفت بسباقها...!! 6 - سرقة الخيول من ابدع ما يجلب الاسماع، ويدعو للانتباه واللذة معاً ما يورده البدو عن سرقة الخيول من اناس تعودوا على ذلك وتمرنوا.. وكل ما يوردونه من حكايات وقصص يدل على عزة الخيل ومنزلتها عندهم؛ فهي من أعز ما عندهم، ولذا يبالغون في اطرائها، يذكرون شطارة السراق وحسن مهارتهم، وما يقدم لهم من فداء أملا في استعادة الفرس المسروقة، والتهالك وبذل الجهود في استعادتها، وما عاناه صاحبها، أو ذكر خيبته... والسراق منهم (الحايف) وهو الذي يسرق ليلاً وخلسة، و (البطاح) هو الذي يركب الفرس ويفر بها على مرأى منهم... و (ربيط البدو) في الغالب من كان متعوداً على سرقة الخيول وهو الذي يبطح على الفرس. وهذا يحبس ويحدد بحديد الفرس، ويبقى حتى يسلم المسروق أو يفك نفسه بمبلغ يتقاضونه منه أو من كفيله والربيط قد يكون مطلوباً سابقاً بأموال أخرى أو (وسكة)، ويحتاج الى أن يفك نفسه. 7 - شركة الخيل - بيوعاتها يعتز البدوي بفرسه كثيراً، ولا يهون عليه ان يعطيها، أو يملكها لغيره ببيع وسائر التمليكات الا لضرورة، او لحاجة تعرض له... وقد يكتفي ببيع حصة شائعة كأن يبيع (عدالة)، أو نصفاً شائعاً، أو رجلاً، أو نصف رجل. وهذه شاع البيع بها حتى عند غير البدو، وحافظوا على ارسانها، والبيع في مثل هذه الحالة لا تظهر غرابته في بيع الكل وقطع العلاقة كما هو المعتاد في سائر البيوعات والامتعة وتداولها.. وكل الخيل ليست كرائم، وانما هناك خيول تباع وتشترى على المعتاد كالضأن والبقر... الا ان البدوي في الخيل خاصة لا يريد ان يقطع علاقته بفرسه. وهذه أشهر بيوعاتهم: بيع مثانى. وذلك بأن تكون أول بطن للبائع، وبعدها للمشتري والثالثة للبائع، ومن ثم تنقطع العلاقة بها... واذا كان المولود (فلواً) فلا عبرة به، وتجري القسمة على ما عداه... بيع النصف. وفي هذا تكون القسمة على البائع، والخيار للمشتري لأنه هو الجاني (المربي) للفرس. وقد تبقى الشركة لمدة طويلة.. بيع العدالة. وفي هذا يكون البطن الأول اذا كان انثى للبائع وتفك على ان يكون للمشتري منها البطن الأول أيضاً وتنقطع العلاقة. بيع الرجل. وهي الربع على الشيوع. (1/107) ومن هذه كلها اذا كانت الخيل مشتركة قسم الشريك وكان الخيار لصاحب الرسن وهو القائم بتربية الخيل، وينقطع الخيار لمرتين وفي الثالثة ليس له ان يرجع عن اختياره وذلك انه يختار فاذا وافق الطرف الآخر فله ان ينكل عن الخيار، ثم يقسم الشريك مرة أخرى وله أيضاً ان ينكل، وفي الاثلثة ليس له ان يرجع عما اختاره، ويكون هذا قطعياً... 2 - الابل اذا كانت الخيل وسائط نجاة مهمة لحياة البدوي فلا شك ان الأبل قوام هذه الحياة ووسيلة بقائها وطريقة سد حاجياتها.. فمنها لبنه، ومنها وبره ومنها لحمه، وجلدها نافع له... وهي واسطة نقله من مكان الى آخر، وحمل اثقاله فهي في نظره (سفن البر)... ولولاها لكانت حياته منغصة، وعيشته مرة، وآماله ضيقة... وهذه فيها غناؤه وثراؤه بل من اعظم ثروة له، ومن أهم تجارته، وأكبر واسطة لنماء أمواله... لا تعيش للبدوي أنعام وهو في حالة غزو، وتنقل سريع من مكان الى مكان الا اذا كانت كهذه الابل تتحمل المشاق، وتتكبد الصعوبات والاراضي الوعرة، والفيافي البعيدة عن العمران... فهي بحق تعدّ أعظم نعمة ناسبت اوضاعه فكأنها خلقت لأجله، وقدرت له في أصل الخلقة... وفي آية " أفلا ينظرون الى الأبل كيف خلقت " دليل الامتنان بهذه النعمة، ولولا الابل لما تمكن البدوي ان يبلغ المكان الذي يريده الا بشق الانفس وصعوبتها، وهكذا المشاهد والمنتفع به أكبر دليل وأعظم نعمة... والعرب في آثارهم الكثيرة من كتب الأدب واللغة تعرضوا للكلام عليها، واوسعوا المباحث ومن اقدم من كتب، وخص الأبل بمباحث خاصة الأصمعي فقد نشرت له في الأيام الأخيرة رسالتان في الأبل وردتا في (الكنز اللغوي) للدكتور أوغست هفنر استاذ اللغات السامية في كلية فينا. طبعت هذه المجموعة في بيروت سنة 1903 والرسالتان احداهما جاءت في صحيفة 66 والأخرى في صحيفة 137. وعلى كل حال يهمنا ان ننظر الى ثروة البدوي، ونقدر قيمتها ومكانتها ونعين طريق معيشته من وراء هذه الثروات لنتخذ له التدابير الملائمة للانتاج، والطرق الصالحة للتكثير، ومخارج للبيع والصرف في المواطن الأخرى للاستفادة من نواح عديدة منها.، فنكون قد ساعدناه وجعلنا حالته في رفاه وربحنا منه في تجارتنا، وضرائبنا، وسهلنا له مهماته... والابل في العراق كثيرة، وكانت لها فائدتها قبل شيوع السيارات؛ فهي من أرخص وسائط النقل، وإن كانت بطيئة... اهمال هذه الثروة دون عناية في امرها غير صحيح، ومن اهم ما يعرض للبدوي قلة المراعي لها، ومن الوسائل الفعالة افساح المجال له للسرح في مواطن لا يستفيد منها سواه، وفي هذا تخيف لويلاته ومصائبه مما قد يؤدي الى ضياع كافة ابله... والابل انواع كثيرة، وبينها ما هو معروف قديماً، ويعد من نجائب الابل لما فيه من المزايا المختارة من سرعة، وتحمل مشاق، أو ما ماثل... أنواع الابل: وأشهر المعروف منها مما ينتفع به للحليب والحمل: ويسمى (البعير) ويقال له (الرحول): 1 - الخواوير. وواحدها خوار، وهي اباعر عنزة وشمر وغالب البدو بصورة عامة، وهذه ابل بادية الشام، تصبر على العطش، وتستخدم للغزو، تعيش خارج المياه في البادية الجرداء. وهذه لا تعيش في العراق في الأرياف من جهة القارص (الزريجي) والمعروف منها (بنات وضيحان)، و (بنات عبجلي)، و (النجبانيات)، و (الشراريات). 2 - الجوادة. واحدها الجودي وهذه في الغالب عند المنتفق وغزية والصمدة من الضفير وسائر القبائل الريفية كالزكاريط (الزقاريط) وغيرها. ولا تصبر هذه على الضمأ، ولا تتحمل المشاق التي تصيب البدو... وابل شمر طوقه كلها (جواده). وهناك قسم آخر يستفاد منه للركوب غالباً ويقال له (الذلول) ومن أنواعه: التيهية. وهذه صغيرة، ولها رسن، تفيد للسرعة وللمغازي، وتقطع مسافات بعيدة. وهي عند الشرارات من الصلبة، والحويطات منهم. وهذه تطرح النعام، والغزال، وهي للركوب خاصة، ويقال ان اضلاعها سبعة في كل جانب. الحُرّه. تعيش في البادية، وتصبر على الماء، وهي عند شمر وعنزة، وعند الشرارات. وبها يتمكون من اللحاق بالخيول... العمانية. من نوع الجودي، وهي جميلة ووافية، وغالب ما تكون عند المنتفق ويحتفظون بها، وقليلة في سائر الأنحاء، ومواطنها على ساحل خليج فارس. الباطنية. وهذه قليلة في العراق. (1/108) قال صلبي يخاطب عشيقته: (للسيلان منهم) يا نديبي شد لي كور مهذالي ... من ضراب التيه وامه شرارية لشنطته بالرسل صابه حفالي ... مثل دانوك حدته الشماليه نحره يم الغضى طيب الغالي ... عين خشف مرتعه له بوسميه الوانها: الوضحة. بيضاء الصفرة. دبسة، غامقة. شعلة. أقل انكشافاً، والجواده القسم الأعظم منها هذا لونه. الملحة. سوداء. الزركه. عشمه. الشكحة. بين البيضاء والشعلة. وهذه كلها في الخواوير. حمرة. على احمرار وفيها غمق. والبيض منها كلها تدعى (المغاتير)، وما كان فيه سواد، أو ملح يقال لها (السحمية)، أو (السحمة). ومن أوصافها: (الصجرية)، و (ابكع ظهر)... شواذيب وعذاريب من العيوب في الأبل ما يسمى الشاذب، أو الشاذوب والضبطه فيقال ليس فيه (ضبطه وشاذب)، والعذوربه أو العذاريب وقد يطلق الواحد على الآخر كلفظ مترادف ويقال (سالم العذاريب). وهذه أشهر ما هو معروف: الطير. سكتة دماغية الخراش. نوع جنون الضلع. الجرب. الجدري. وهذا يكون في صغره الورك. مرض في الابط. وأصل الشاذب عظم زائد في صفحة زور البعير. وهناك عيوب لا عن مرض وانما هي عيوب في الخلقة، أو نقص في الأعضاء: الجدعه. مقطوعة الاذن. العصلة. مقطوعة الذنب الحرده. تضرب بيدها على الأرض؛ وهو نوع فالج. الخطلة. مرتخية أعصاب الرجل عكس الحرده. جنفه. فيها لحمة كبيرة تحت أبطها النجبه. مخلوعة الزند (مفسوخته). أسنان الأبل المخلول. عمره سنة1 المفرود. عمره سنة2 اللجي. عمره سنة3 الجذع. عمره سنة 4 وهذه يبتدئ فيها اللقاح وهو الضراب. الثني. عمره سنة5 الرباع. عمره سنة6 الخماس. عمره سنة7 الجالس. عمره سنة8 ومدة الحمل 12 شهراً ومن النوادر أن يكون 13 أو 14 شهراً. الوسم والشاهد وللأبل عند كل قبيلة، أو فرع من فروعها علامة يسمونها بها لتعرف وهذه تختلف اشكالها بالنظر لما تتخذه القبائل ولا نجد تقارباً في الوسم الا قليلاً، وكذا يقال للشاهد وهو نوع الوسم الا انه لا يعول عليه في التفريق، وإنما هو أشبه بالاشارة الخاصة... والوسم يكون على اليمين أو على اليسار، أو على الرقبة... والشاهد يكون على يمين الوسم، أو يساره، وقد يكون الوسم على اليد اليمنى، أو اليسرى... والشاهد على الرقبة، أو يكون قريب الخشم ويصير محاذياً للعين، أو نازلاً الى الفك وعلى كل لا يعول على الشاهد. وسم شمر طوقة كاشارة على يمين الناقة، والصلتة منهم يجعلون الشاهد قدامه، والغرير منهم في يساره، والزقاريط عندهم الوسم اشبه بحرف T اللاتينية ويكون في اليسرى وشاهدهم في الوجه على الجانب الأيسر في منحدر الرسن والنصر الله (فرقة منهم) على الفك... ولا يكاد يحصى الوسم لكل قبيلة وشاهده، ولقبائل عنزة لكل منها وسم خاص، كما لقبائل شمر كذلك... شركة الابل وشركة الابل للانتفاع منها تكون بأمور عديدة ولكن هذه لا تظهر إلا في القضايا الجزئية والمطالب الصغيرة مما يجرى بين الطبقة الضعيفة، أو بين ضعيف وغني... ومن هذه: شركة عظم. وذلك أن يشتري الموسر الابل، ويشغلهن عند آخر حتى تفك اثمانهن من النماء والربح، وحينئذ يشترك معه مناصفة... ولكن هذه الشركة يصح ان تفك عند الطلب، ولا تكون مقيدة بشرط، ومع هذا اذا وجد شرط لزم مراعاته... وفي هذه الحالة اذا طلبها صاحبها قبل ان تفك فحينئذ تباع وما زاد عن قيمتها يقسم بينهما... فالتعب الذي بذله العامل لا يهمل بوجه، ولا يضيع... شركة العدالة وتكون في الغالب في الغنم، وتقل في الابل وذلك بأن تعطى الشياه او الابل الى آخر ويشارك في النماء، ولا يكون شريكا في العظم الأصلي بل في الصوف والدهن... ان تودع الابل على ان تكون الاجرة مثالثة، ثلث للجاني وهو الذي قام باعارتها... ويتسلمها المكاري كاملة الحدايج والثاية... واذا كانت كثيرة فيصح ان يشترط على صاحب الابل اكثر، وان يستخدم معه آخر فيكون نصيبه النصف... ويطول بنا تعداد كل ما هو معروف، وانما الغرض الفات الأنظار الى هذه النواحي، وعند الاختلاف يرجعون الى العارفة، والضعيف يلجأ وان كانت القضايا تافهة. بيوعات (1/109) في الابل قد يكون البيع صفقة واحدة وتنقطع العلاقة وقد لا يكون كذلك وتبقى العلاقة لمدة بأن يشتري المخلول والغركان، والمخلول منهما تراه، ويكون مولوداً، ويؤخذ وقت طلوع سهيل، أو أن يسلم صيفاً... وإن المشتري في هذه الحالة يسمى (شراي حبل) والمفرود ويقال له الغرقان، كأن يشترى في بطن أمه ثم يأخذه المشتري بعد أن يفطم من أمه وذلك بأن يحول عليه الحول أو أزيد واذا مات المبيع في هذه الحالة فهو مضمون.. ويسمى (المجفوت). هذا ما يعين البيوعات عندهم، وان الضمان يترتب لأنه لم يسلم الى المشتري في الوقت المضروب، وغالب هذه يجريها الضعفاء والفقراء فيما بينهم، وهي التي توضح بقايا بيوعهم.. والغرض من هذه البيوعات الشراء سلفاً، وان يكون تحت ادارة البائع لمدة... الرعى اذا أراد أن يسرح في الابل يعطى مخلولا ومبلغاً معيناً يقدر بدينار أو أكثر، أو مفرده وحده، أو مبلغ وحده وذلك حسب قلة الابل وكثرتها... الدخيل تعطى الابل الى آخر فيذهب بها الى نجد أو الى مكان آخر، وذلك الراعي أو آخذ الابل ضامن ويجعل الابل مرخوصاً من قبله يقال له (الدخيل) والوصي وهذا هو الذي وكله... فاذا رفض وكالته فحينئذ يصرح بذلك ويشهد ثم يخلط الأموال (الابل) بما عنده، ولا يضمن المقدرات أي لا يتوجه عليه ضمان الدرك، فاذا مات بعير يثبت الشهود على موته وحينئذ لا يبقى حق. اما لو طالب المالك ببعيره فامتنع من اعطائه الى الوصي ضمن أي انقلبت يده الى يد ضمان. وداعة البدو للبدو وهذه امانة لا تفرق عن سائر الامانات الا انه يتصرف بها وينميها، أو يبقيها امانة على حالتها دون تصرف... والبدوي في أحوال عديدة يريد أن يسير الى أهله، وليس في امكانه الا ان يكون مجرداً، وتكون هذه محترمة ومحتفظ بها للأمرين المذكورين، وللأمين الحق في اختيار احداهما، ولا يفترق المودع بين ان يكون بدوياً أو غير بدوي، ولكن يصرح غير البدوي بغرضه فيقول هذه (وداعة البدو للبدو) أي أنها الوديعة المصطلح عليها عندهم. وللامين الحق في حفظ عينها، او التصرف بها. فاذا كانت الوديعة شاة مثلاً تكاثرت عنده، أو حواراً، أو بعيراً كان الأمر كذلك، واذا باعها اشترى بثمنها ما ينمو، كأن كانت بعيراً فحلا كرى عليه ما عنده ونمّى الحاصل، أو باع البعير واشترى به ناقة، فاستولدها... والحاصل لا يسوغ له بوجه ان يخون هذه الأمانة، وإنما يستثمرها لصالح المودع، واذا كانت مبالغ اشترى بها ما فيه فائدة الى آخر ما هنالك، وقد يعين المالك الذي ائتمنه ان يتقاضى أجراً عوض العناية، وهذا غير ما يعطى للراعي أجرة رعيه وسرحه... 3 - اموال اخرى لا تعتبر الأموال الأخرى في الحقيقة من أموال البدو المهمة، وإنما الأموال الحقيقية هي التي تلائم أوضاعهم الحياتية... فاذا تقربوا من الأرياف صاروا يقتنون الغنم، ويلاحظون أمر رعيها وتكثيرها... واذا وجدت أموال أخرى فهذه لا تعد من أموالهم الأساسية. والغرض بيان ما يعوّل عليه البدوي من الأموال في بداوته، ومن أشهر أموالهم الأخرى الغنم... - 6 - الشيم والأخلاق ضيق المعيشة، وضنك الرزق، وقلة الموارد قد تجعل المرء في لبس من تصديق ان البدوي لا يكذب، وانه صريح القول، ينفذ ما عزم على فعله وما قطع في امره... وهو في هذه الحالة لا يشهد كذباً، ولا يحابي... وفيه من الشمم والأباء والعفة بمعناها الصحيح، واكرام الضيف، وحمى الجار والنزيل ما لا يوصف. شاهدنا وقائع اعترف فيها البدوي انه قتل، أو أنكر القتل فلم يحلف، ولم يخن أمانة، ووفى بعهده وهكذا.. وكم أخذتنا الحيرة في وقت لا نراه يقدم على الكذب وهو في أشد المواطن خطراً، وأعظمها حرجاً... نرى أوصافاً كثيرة عند البدو ولا نجدها عند غالب اخوانهم من الحضر فكأن البداوة ملازمة للصدق، والانفة من الخديعة والكذب، وكأن الحضر غير منفكين من الأوصاف الرديئة الا من عصم الله تعالى... ذلك ما دعا ان يأمن الحضري معاملته مع البدو، ويتخوف البدوي من أهل المدن وحيلهم والطرق التي يتخذونها لسلب ما عنده، فهو في حذر وخوف حتى انه اذا اشترى بضاعة يشترط أن تكون (سالمة، مسلمة للمناخ) وهكذا... (1/110) ونخشى في هذه الحالة أن تتطرق اليهم بعض صفات أهل المدن الرديئة، وتنتقل عدواها وان القائمين بأمر اصلاح المجتمع يحتم عليهم الواجب ان يلاحظوا هذه المهمة، وان يتذرعوا بوسائل مانعة من التسرب الى هؤلاء، وأن يسيروا بهم الى التربية الحقة...! مرت أمثلة كثيرة تبين صراحة البدوي وصدق لهجته، وصفاء سريرته... ونحن في حاجة كبرى الى أن نتعلم منه المهم من الأخلاق الفاضلة، والسجايا النبيلة... وان لا نتهاون في أمرها، لا أن نفسده وهو سهل الخديعة، فيتذرع بالوسائل الرذيلة... ونتمنى ان لا يدخله الاصلاح قبل ان ننال قسطاً منه والا سقناه الى ما نحن فيه، وبهذا انتهكنا حرمة أخلاقه وعلوها وسمّو سجاياه وفضائلها... وهل من الصلاح ان نتولى امر الاصلاح ونحن لم نتسلح بما عنده من سجايا، ونتطلب منه ما هو مفقود وقد قيل (فاقد الشيء لا يعطيه).. جلّ آمالنا ان يحتفظ هذا البدوي بحسن سلوكه، وطيب اخلاقه، وصفاء نيته الى ان تتبدل حالة التربية العامة بخير منها، وتكون اولى مما هي فيه... - نعم قد تكون في البدوي بعض الصفات التي اكتسبها من حاجته ومحيطه، ويهزأ بمن يذمها، أو يلومه من أجلها أمثال الغزو... ولكن هذه بالنظر الى منع حوادث الغزو، والاتفاق والتكاتف بين الدول المجاورة على منعه تغيرت هذه الحالة، وماتت من نفسها، وصار يشعر بأن ماله ما اقتناه من طريق مشروع... وستقوى هذه الخصيصة ويتعود مغزاها في حين انه قبل هذا اذا قيل له: - الله يحرمك من غارة الضحى! كان يجيب: - وهل(1) وجه، وهل وجه...! يريد بل أنت تحرم منها!! وكانوا يؤدون من غارة الضحى بعض الصدقات عن موتاهم..!! وغرضهم من غارة الضحى أنها على وجه نهار، ولم تكن خفية، أو خلسة...! ومهما كان الأمر فالبدوي يغزو وينهب، ويقتل ولكنه لا يكذب، ولا يخدع، ولا يخون الامانة، ولا يقبل بذل، ولا يرضخ لقوة..!! يعيش بعزّ، ولا يرضى ان يهان، حر الضمير، صريح القول، وعفيف الذيل في غالب أحواله.. وهو أيضاً كريم بطبيعته، شريف في نفسه، أبي، لا يتردد عن معونة، ولا يحجم عن مساعدة... والقلم ليعجز ان يجري في بيان كل خصاله الحميدة المقبولة... والمرء ينجذب بل يكون مغرماً بأوصافه هذه وأتمنى أن تكون هذه بصورة عامة عندنا... وأن نمضي على كثير منها... سجايا قوية، عالية، لا تفترق بوجه عن أوصاف العرب القدماء؛ ولا تقل عنها، ويعوزها ما أعوز تلك من اصلاح حقيقي، وتهذيب اجتماعي، لا يشبه ما نحن عليه اليوم، ولا يأتلف وما نحن فيه... ولم أكن في قولي هذا ساخطاً على المجتمع أو غاضباً عليه الا أني أرغب أن يتحلى بأكمل صفات الرجولة، وأن ينال حظه من الحضارة مقرونة بتلك السجايا الفاضلة... وهم كما نعتوا انفسهم: حنّا جما صافي الذهب ... وانظف من الخام الجديد ولا نريد أن يزيف هذا الذهب، أو تنال ذلك الخام نكتة تكدر لونه او تودي بصفائه وجميل رونقه... فاذا كان: حسن الحضارة مجلوب بتطرية ... وفي البداوة حسن غير مجلوب فالأخلاق فاضلة، وعزيزة، لم تدخلها التطرية، حسنها طبيعي، وسالم من العذاريب الكثيرة كما يصطلحون عليها... وهنا نذكر بعض أوصافهم العامة: 1 - النخوة وهذه من أكبر وسائل التكاتف، ويقال لها (العزوة) أيضاً، وفيها تتشارك القبائل التي تمت الى نجار واحد، وغالب القبائل تعرف القربى بينها بسبب هذه النخوة... وقد مرّ بنا ما ينتخى به القوم، وهي دليل الأخوة، وشارة التكاتف والظاهر ان اصلها (انااخوة) ومنه اشتقت (النخوة) ومثلها العزوة ويراد بها الانتساب الى نجار واحد... قال الشاعر: لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا وهذه هي النخوة، والندبة مثلها... واذا صرفت النخوة الى ناحية التكاتف على اتباع الحق، ونصرة المظلوم، ومقاومة الشر فما أحلاها. والتلقين الى هذه الناحية قد يؤدي الى نتائج مرضية... 2 - الدخيل، الدخالة في القتل يدفع عن القاتل لمدة ثلاثة أيام على ان لا يسارى ولا يبارى... وفي المطالب الأخرى غير قتل النفس يكون الوجه لمدة سنة، فلا يتعرض له أحد. الا أن (فورة الدم) لا يصد احد فيها، والوجه لا يمنع غالباً الا أن يكون قوياً ويتمكن من زبن الهاجمين... 3 - الوداعة (1/111) وهم أحفظ للأمانة، وأحرص على الوديعة، وقد مرّ بيان بعض حوادثها الخاصة، ويتفادى البدوي في صيانة الوديعة... وعلى كل حال تظهر أوضاعهم العامة وأخلاقهم الاجتماعية، وكذا الفردية من طريق تثبيت الوقائع الاعتيادية، وفي مواطن الحروب واوقات الغزو وقد اشير الى ذلك فيما مرّ، وسيأتي من الأمثلة في خصوماتهم مما يعين أخلاقهم في بعض الأوصاف والأقوال التي يعابون من أجلها، ويحق لهم أن يطالبوا بالحشم، أو يعقروا من جراء ما نالهم من اهانة، أو يلتمس منهم العفو أو التعويض... وليس لهم حكومة يلجأون إليها، وإنما يستعينون بقوتهم. ولا مجال لحصر المقبول من فضائلهم، والأخلاق المعتبرة فيهم... وتتجلى اكثرها في حالاتهم الشاذة، وخصوماتهم، ومنازعاتهم.. ولو استثنينا الغزو والوسكة وما ماثل لقلنا هناك الانسانية الكاملة... ولكن للضرورات، وللمحيط حكمهما، وطبعهما... والتربية الصحيحة تعدل في الأوضاع المدخولة، وتؤدي الى الاصلاح الكبير وللتعديل القليل حكمه وأثره في الحياة الفردية والاجتماعية... هذا ولا تفيد التعديلات المادية، وإنما الأثر النافع للمبادئ القومية، والتربية الفاضلة، والعوامل النفسية، فهي شديدة الأثر، وكبيرة الفائدة... والأخلاق تحتاج الى حسن ادارة وخبرة تامة، وعلاقة قوية بالعقيدة..!! - 7 - العقائد والعبادات العقيدة عند البدو قليلة الكلفة، بسيطة، وأساسها قبول ما كان قريباً من أذهانهم، وأحق بالأخذ... ومن حين دخلهم الإسلام زالت منهم عبادة الأشخاص والأصنام، وحل التوحيد، فلا يميلون الى الرسوم، والأوضاع الزائدة... ومما يحكى عن الشيخ صفوق انه كان في مجلس ببغداد، فرأى ان قد جاء شيخ، ونال احتراماً من أهل المجلس فقالوا له هذا الشيخ فلان! قال هو شيخ أي قبيلة فأجيب بأنه شيخ الطريقة النقشبندية، وهي طريقة دينية... فكان جوابه ان الدين ليس له نقوش...!! ومن المعلوم ان الإسلام أعلن عقائده بأوجز عبارة، وهي ايمان وعمل صالح، او استقامة... مع قبول الارشاد لتعيين هذا المطلب، والبدوي لا يريد أن يعرف غير ذلك ولا يشغل ذهنه بأكثر... وفي هذه الحالة يجب ان لا نخرج به في تهذيبه الديني عن هذا، وبعض الايضاح المتعلق به والا كان نصيبنا الخذلان في نهجنا... ومن طبع البدوي ان لا يميل الى زيارة المراقد، ولا يهتمون بها، وهم أقرب الى التوحيد الخالص، وتراهم في نفرة من مراقد الصلحاء.. وغالبهم على مذهب السلف بسبب المجاورة لنجد، أو هم قريبون منهم... رأيت فرحاناً ابن مشهور حين وروده العراق في ديوان المرحوم السيد محمود الكيلاني النقيب السابق، وكنت حاضر المباحثة معه في بعض اوضاعنا الدينية، وكان ابن مشهور ينقدها، ويورد الآيات وبعض الأحاديث تقوية لحجته، وان سماحة النقيب يوضح له، ويوجه أغراض اهل بغداد، ويعتذر له من أخرى ويقول: هؤلاء صلحاء لا أكثر، ولا نعتقد فيهم غير ذلك! اما ابن مشهور فانه استمر في بيان تلك الأوضاع حتى قال: ما هذه اذن؟ (واشار الى قبة الشيخ عبد القادرالكيلاني) ألم تكن طاغوتاً ألم يقدم لها الاحترام!! وهكذا نسمع الشمري يقول وكان قد رأى ما يخالف عقيدته: يا عون من طالعك برزان ... ونام بشناكك هني ويا عون من فاركك البرغوث ... وفراك عبادة علي وبرزان قصر ابن رشيد في نجد، واراد بعبادة علي الشيعة في حين انهم لا يعبدون الامام علياً (رض) وانما يعتقدون فيه الامامة، وهؤلاء البدو لا يفرقون، ويرون مجرد الانقياد الى الشخص عبادة... ومن حاول اصلاح هؤلاء وجب عليه ان يلقنهم العقيدة من ناحية تفكيرهم دون أن يدخل فيها ما لا تقبله افهامهم... بأن تلخص له أساسات العقيدة بلا توغل في تفرعات زائدة، وان لا يعرف بالمذاهب الا انهم علماء معروفون لا اكثر... وأرى أن يكثر له من تدريس القرآن الكريم، وأن لا يعدل عنه، وان يسترشد بأحكامه... وفي هذا اصلاح لأخلاقه وعقيدته معاً، وفيه أبعاد عن كل نعرة طائفية، واستهواآت حزبية... فيكون مصروفاً الى ادلته الحقة، وأن نقربها لفهمه.. وهم في الغالب مالكية، أو حنابلة ويجب أن يلقنوا العبادات على مذاهبهم بما لا تصح بدونها، وان يلاحظ تقليل التكليفات قدر الامكان، والدين يسر... (1/112) وعلى كل حال رغبة الاصلاح تستدعي التفكير الطويل، واستطلاع الآراء حتى تظهر الفكرة القوية الصالحة... وأرى من الضروري تدريسهم مجمل التاريخ الإسلامي، وذكر الغزوات والملاحم الإسلامية بحيث يتجلى لهم النشاط، وصفاء الأخلاق، والتفادي في سبيل هذا المبدأ الجليل، وان لا تنسى العلاقة، وان يحتل هذا التاريخ محل القصص الخرافية، والحكايات التي لا يؤمل منها نفع تهذيبي... - 8 - الخصومات - الدعاوي يقولون: المرجله ما بين حيل وحيله ... والحك يبري للي سيوفه كواطع أو: ما ينفعك زاد كليته ليافات ... " ولا ينفع المفلوج عوج الطلايب " 1 - العرف القبائلي ان القدرة، والشجاعة من اكبر الوسائل لحفظ الحقوق، وأعظم الحواجز دون انتهاك الحرمات، ويردد البدو " الحك بالسيف والعاجز يريد شهود " وفي هذا لا يقصد غالباً الا حماية الحق؛ والبدو من خير مزاياهم ان لا يكذبوا، ولا يتخذوا الوسائل لابطال الحقوق وقد قالوا " ولا ينفع المفلوج عوج الطلايب " ، ولا يخلو المرء من لدود وخصام، وهم اصحاب حجة، ومنطق عذب، وفكرة قويمة في الغالب والنزاع في الأكثر بين المتكافئين، والحكم بينهم يجب ان يكون ذا قدرة على حل القضايا والا فلا يتنافرون اليه، وإنما يميلون الى صاحب مواهب كافية لادراك ماهية هذه الخصومات والوقوف على جهات التلاعب في ادلاء الحجج... وهؤلاء لم يكونوا ملائكة، وانما هناك بواعث مهمة تثير الخلاف وغالبها يقع على المنهوبات (الغنائم)، أو على (حقوق النساء)، أو على (البيوعات) و (الامانات) وهكذا مما لا حد له لتعيين قضاياهم وهذه لا تخرج عن مادة الفقه. وأصل مواضيعه... وتسمى في مصطلح اليوم ب(العرف القبائلي) من دون سائر العوائد... ولا نريد في عجالة كهذه ان نتوسع في حقوق القبائل البدوية (عرفها)، وفصل خصوماتها، وطريق حلها... وكفانا أن ندّون بعض القضايا الواقعية، ونشرح بعض الأمثلة، ونراعي صور الحسم من محادثات مع بعض العوارف، ومناقشات في خصوماتهم، ومباحثة معهم ومعارضة لأفكارهم بقصد أن نتبين حقيقتها، ونعلم ماهيتها... واقتصرنا على ما يكفي للمعرفة والامام وإلاّ طال الأمر، وصعب كثيراً، وتشبعت أطرافه.. وعلى كل حال النظر يقتصر على ما يدعو للخصام ومراجعة العارفة... هذا وأحكام عرفهم متقاربة، وليس فيها تفاوت كبير والتغلب والاثرة أبقيا أثراً محسوساً فيها من مخالفات وأوضاع تعاملية منها ما لا يأتلف والشريعة الغراء.. 2 - العارفة والعوارف لا يقصد البدوي من الالتجاء الى العارفة سوى حلّ قضيته حلاً مرضياً يقطع النزاع، والا فالتحكم، والاجبار على صورة حل ترضي جانباً وتغضب الآخر وتضطره أن يقبل بقوة وقسر مما لا يميت الحقوق، وليس الغرض مجرد الحسم... ويصدق على مثل هذا قول (حكمت ولا أبالي)... ولعل التجارب العديدة بصرت بمراعاة (فصل الخصومات) من طريق (العوارف)... والملحوظ أن الناس كانوا يلجأون الى الأقوى لحسم النزاع دون ان تلاحظ الصحة استناداً الى هذه القوة أو أن يميل القوم الى الطاعن في السن ويطلب حله... ثم قطع البدو مراحل حتى وصلوا الى طريق القضاء بواسطة من أهّب نفسه، وأعدها لفصل الخصومات وكانت له بصيرة. وقديماً يقال له (الحكم)... ويقول أمراء شمر نحن الذين نصبنا عوارفنا واخترناهم من جهة اننا نظراً لمشغولياتنا لا نقدر أن نرى الخصومات بأنفسنا، فأودعناها الى من اعتمدناه، وبمرور الأيام صارت موروثة فيهم، ولا يعتبر عارفة الا من كان ابوه عارفة... وهذه الفكرة اقرب للصواب في تعليل موضوع العوارف، ولكنها قديمة جداً، وحكام العرب في الجاهلية لم ينالوا منصب القضاء، ولم يشتهروا الا لما فيهم من المواهب، وان كان هناك آخرون لم يلجأ اليهم أحد، والعارفة القدير يميل الناس اليه ولا يعدلون عنه كما انهم لا يجبرون على احد بعينه... 3 - محادثة مع عارفة قد جرت بيني وبين حسن ابن عامود من شمر المحادثة التالية: - هل تقرأ وتكتب؟ - لا! كيف تقضي بين الناس؟ كان آبائي وأجدادي عوارف... وكنت أشاهد قضاياهم، وأسمع ما حكموا به، وتناقلوه... وأنا أنظر في القضية، وعندي قلب واع... فماذا تريد وراء هذا؟ (1/113) وكأنه يقول عرفت تاريخ الخصومات والعرف ممن سبقني، وأدقق المسألة الموضوعة البحث، ولي بصيرة وادراك... وهذه من وسائل معرفة المحق من المبطل، وهي من دواعي الحكم... هذا مع العلم بأن هذا العارفة ليس هو من أكبر العوارف وأعظمهم. (لم يكن منهى). ولا أظن الحقوقي يحتاج الى اكثر من معرفة تاريخ الحقوق، والنظر في الموضوع، واستعمال عقله فيه... وبحق قال الزمخشري (العربان غربان)... ولم يراع هؤلاء أصول مرافعات، ولا قانوناً يرجع اليه سوى المعهود من تعاملاتهم إلا أن القضايا السابقة التي كان قد حلها عارفة آخر قبلا تعتبر أساساً وليس للمتأخر أن يتعداها، أو يتجاوزها في حكمه.. وكأن هذه المعلومية تكسبها قوة ويمهل المتضرر أن يأتي بدليل على هذا الحكم السابق. وهي بمثابة رجوع الى فتاوى، أو الى مقررات محكمة التمييز... والآن في حكومة ابن سعود يسمون العوارف ب(الطواغيت). لأن حكمهم لم يبن على أحكام الشرع وإنما هو على تعامل قديم، ووقائع سابقة ولا يرجع فيها الى الأحكام الشرعية وهذه قد تكون موافقة، أو مخالفة، ولكن الشرع وموافقته غير مقصودين... 4 - المنهى (محكمة تمييز البدو) وهناك من لا يرضى بحكم العارفة ولا يقبل بطريقة حسمه، وحينئذ له أن يعارض حكمه ويطلب ان يرجع الى (المنهى) وهو آخر محكمة بل آخر حاكم يلجأ اليه في نظر البدوي فيأذن له. وهؤلاء المناهي قليلون، لا يختلفون عن العوارف إلا في القدرة المسلمة لهم لا بانتخاب رئيس ولكن بحكم الشيوع والشهرة... وقد يعارض الحكم بما قضى به من سبقه، ويشترط أن يقدم شهادة من عارفة آخر كان قد حكم بما خالفه... وعلى كل حال سواء العارفة، أو المنهن لا يجوز مخالفة أحكامهم، أو مراجعة غيرهم وإلا أدى أن يطالب العارفة بالحشم، ويعد تحقيراً له إذا راجع أحد غيره كما أن غيره إذا عرف لا يقضي ولكن يجري ذلك تحت تحوطات خاصة، فإذا أودعت قضية الى عارفة فليس لآخر التعرض لها، أو التدخل فيها فإن فعل أخذ منه الحشم. وعند قبيلة حرب إذا عرض قضية الى عارفة وكان قد عرضها لآخر قبله أخذ منه الحشم. ومن هذا يعرف ان حكم العرافة قطعي، وحسمه لا يقبل النظر مرة اخرى إلا بالتحوطات المارة أو ما ماثلها ولذا نجد العربي القديم يفتخر بقوله: أنا الذي لا يعاب لي قول، ولا يرد لي قضاء. أو كما قيل: ومنهم حكم يقضي ... فلا ينقض ما يقضي والمشهور ان القدماء من العرب وضعوا قاعدة (البينة على من ادعى واليمين على من انكر) ومثله قولهم في الخنثى (اتبعه مباله) وبعضهم حكم فقبل الإسلام قضاءه... مما لا حد لاستقصاءه.. وللتحري عن حكم معارض كان قد سبق أن حكم به يمهل في ايام القيظ ثلاث ليال وفي الشتاء سبع ليال للتحري عن نص الحكم. ويقال له: " ردك الله للسوالف انها قبل ماضية... " 5 - امرأتان تتنازعان ابناً يحكى أن رجلاً تزوج امرأتين فولدتا في يوم واحد، وكانت القابلة أم أحدهما، أولدتها فاعطت بنتها ابن الأخرى وهذه اخذت بنتها دون ان تعلم... مضت بضعة أيام، والأخرى تميل الى الابن ولا رغبة لها بالبنت، وأخيراً قالت ان الابن هو ولدي فحصل نزاع ادى أن تثور الفتنة بين القبيلة... تحاكموا الى العارفة فكانت نتيجة تدقيقاته ان وزن حليب ام البنت، وحليب ام الولد كما أنه أخذ الحليب من حيوانات أخرى فوزن حليب الذكر وحليب الأنثى فوجد حليب الابن اثقل فحكم بان المدعية لها الحق في المطالبة بابنها... 6 - لو بطني فرّ فريت كانت الجموع من شمر متقابلة، والحرب مشتعلة بين الفريقين فكان أحد رجال شمر وهو مذود الزعيلي قد هوى على عدوه وهو من الفر من العامود بضربه سيف فسقط قتيلا، وذلك بمشاهدة هذه الجموع. أما القاتل فقد هرب الى عنزة وبقي مدة حتى مرض وأراد أن يموت بين أقاربه وقومه وأن لا تتوجه المطالبة عليهم مع أنه لم يكن القاتل في الحقيقة... فعاد ودخل على رئيس شمر وطلب منه الحق فيما وجه اليه من قتل الرجل من ال(فر)، فقام المجلس في وجهه وقالوا له قتلته بمرأى من الجموع والآن تطلب الحق فأجابهم: (1/114) - " لو ببطني فر فريت " ! يريد أنه لم يقتل أحداً من فر ولو كان قتله لفر منهم وهرب فصارت مثلا!! فتحاكموا الى العارفة بأمر من الرئيس فكان العارفة قد سمع بينه مذود المذكور وهو المهتم بالقتل في انه كان قد هوى على الفري بالسيف الا أن قطعة الرمح من آخر هي التي أزالت أم رأسه وقتلته. ومن ثم توجهت الخصومة على من شهد عليه الشهود. 7 - البدوي لا يورد عليه شاهد من أغرب ما اعتاده البدو انهم لا ي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى